٤ - ﴿ وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ﴾ أي وما أهلكنا قرية من القرى بنوع من أنواع العذاب ﴿ إلا ولها ﴾ أي لتلك القرية ﴿ كتاب ﴾ أي أجل مقدر لا تتقدم عليه ولا تتأخر عنه ﴿ معلوم ﴾ غير مجهول ولا منسي فلا يتصور التخلف عنه بوجه من الوجوه وجملة ﴿ لها كتاب ﴾ في محل نصب على الحال من قرية وإن كانت نكرة لأنها قد صارت بما فيها من العموم في حكم الموصوفة والواو للفرق بين كون هذه الجملة حالا أو صفة فإنها تعينها للحالية كقولك حالي رجل على كتفه سيف وقيل إن الجملة صفة لقرية والواو لتأكيد اللصوق بين الصفة والموصوف
٥ - ﴿ ما تسبق من أمة أجلها ﴾ أي ما تسبق أمة من الأمم أجلها المضروب لها المكتوب في اللوح المحفوظ والمعنى : أنه لا يأتي هلاكها قبل مجيء أجلها ﴿ وما يستأخرون ﴾ أي وما يتأخرون عنه فيكون مجيء هلاكهم بعد مضي الأجل المضروب له وإيراد الفعل على صيغة جمع المذكر للحمل على المعنى مع التغليب ولرعاية الفواصل ولذلك حذف الجار والمجرور والجملة مبينة لما قبلها فكأنه قيل إن هذا الإمهال لا ينبغي أن يغتر به العقلاء فإن لكل أمة وقتا معينا في نزول العذاب لا يتقدم ولا يتأخر وقد تقدم تفسير الأجل في أول سورة الأنعام
ثم لما فرغ من تهديد الكفار شرع في بيان بعض عتوهم في الكفر وتماديهم في الغي مع تضمنه لبيان كفرهم بمن أنزل عليه الكتاب بعد بيان كفرهم بالكتاب فقال : ٦ - ﴿ وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر ﴾ أي قال : كفار مكة مخاطبين لرسول الله صلى الله عليه و سلم ومتهكمين به حيث أثبتوا له إنزال الذكر عليه مع إنكارهم لذلك في الواقع أشد إنكار ونفيهم له أبلغ نفي أو أرادوا : بيا أيها الذي نزل عليه الذكر في زعمه وعلى وفق ما يدعيه ﴿ إنك لمجنون ﴾ أي إنك بسبب هذه الدعوة التي تدعيها من كونك رسولا لله مأمورا بتبليغ أحكامه لمجنون فإنه لا يدعي مثل هذه الدعوى العظيمة عندهم من كان عاقلا فقولهم هذا لمحمد صلى الله عليه و سلم هو كقول فرعون :﴿ إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ﴾
٧ - ﴿ لو ما تأتينا بالملائكة ﴾ لو ما حرف تحضيض مركب من لو المفيدة للتمني ومن ما المزيدة فأفاد المجموع الحث على الفعل الداخلة هي عليه والمعنى : هلا تأتينا بالملائكة ليشهدوا على صدقك ﴿ إن كنت من الصادقين ﴾ قال الفراء : الميم في ﴿ لو ما ﴾ بدل من اللام في لولا وقال الكسائي : لولا ولوما سواء في الخبر والاستفهام قال النحاس : لوما ولولا وهلا واحد وقيل المعنى : لو ما تأتينا بالملائكة فيعاقبونا على تكذيبنا لك