٥٥ - ﴿ قالوا بشرناك بالحق ﴾ أي باليقين الذي لا خلف فيه فإن ذلك وعد الله وهو لا يخلف الميعاد ولا يستحيل عليه شيء فإنه القادر على كل شيء ﴿ فلا تكن من القانطين ﴾ هكذا قرأ الجمهور بإثبات الألف وقرأ الأعمش ويحيى بن وثاب من القنطين بغير ألف وروي ذلك عن أبي عمرو : أي من الآيسين من ذلك الذي بشرناك به
٥٦ - ﴿ قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ﴾ قرئ بفتح النون من يقنط وبكسرها وهما لغتان وحكي فيه ضم النون : والضالون المكذبون أو المخطئون الذاهبون عن طريق الصواب : أي إنما استبعدت الولد لكبر سني لا لقنوطي من رحمة ربي
ثم سألهم عما لأجله أرسلهم الله سبحانه ٥٧ - ﴿ قال فما خطبكم أيها المرسلون ﴾ الخطب : الأمر الخطير والشأن العظيم : أي فما أمركم وشأنكم وما الذي جئتم به غير ما قد بشرتموني به وكأنه قد فهم أن مجيئهم ليس لمجرد البشارة بل لهم شأن آخر لأجله أرسلوا
٥٨ - ﴿ قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ﴾ أي إلى قوم لهم إجرام فيدخل تحت ذلك الشرك وما هو دونه وهؤلاء القوم : هم قوم لوط
ثم استثنى منهم من ليسوا مجرمين فقال : ٥٩ - ﴿ إلا آل لوط ﴾ وهو استثناء متصل لأنه من الضمير في مجرمين ولو كان من قوم لكان منقطعا لكونهم قد وصفوا بكونهم مجرمين وليس آل لوط مجرمين ثم ذكر ما سيختص به آل لوط من الكرامة لعدم دخولهم مع القوم في إجرامهم فقال :﴿ إنا لمنجوهم أجمعين ﴾ أي آل لوط وهم أتباعه وأهل دينه وهذه الجملة مستأنفة على تقدير كون الاستثناء منقطعا فهي خبر : أي لكن آل لوط ناجون من عذابنا وقرأ حمزة والكسائي ﴿ لمنجوهم ﴾ بالتخفيف من أنجا وقرأ الباقون بالتشديد نجى واختار هذه القراءة الأخيرة أبو عبيدة وأبو حاتم والتنجية والإنجاء التخليص مما وقع فيه غيرهم
٦٠ - ﴿ إلا امرأته ﴾ هذا الاستثناء من الضمير في منجوهم إخراجا لها من التنجية : أي إلا امرأته فليست ممن ننجيه بل ممن نهلكه وقيل إن الاستثناء من آل لوط باعتبار ما حكم لهم به من التنجية والمعنى : قالوا : إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنهلكهم إلا آل لوط إنا لمنجوهم إلا امرأته فإنها من الهالكين ومعنى ﴿ قدرنا إنها لمن الغابرين ﴾ قضينا وحكمنا أنها من الباقين في العذاب مع الكفرة والغابر الباقي قال الشاعر :

( لا تكسح الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج )
والإغبار : بقايا اللبن قال الزجاج : معنى قدرنا دبرنا وهو قريب من معنى قضينا وأصل التقدير : جعل الشيء على مقدار الكفاية وقرأ عاصم من رواية أبي بكر والمفضل ﴿ قدرنا ﴾ بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد قال الهروي : هما بمعنى وإنما أسند التقدير إلى الملائكة مع كونه من فعل الله سبحانه لما لهم من القرب عند الله


الصفحة التالية
Icon