ثم إن الله سبحانه لما أرشدهم إلى توحيده ذكر دلائل التوحيد فقال : ٣ - ﴿ خلق السموات والأرض بالحق ﴾ أي أوجدهما على هذه الصفة التي هما عليها بالحق : أي للدلالة على قدرته ووحدانيته وقيل المراد بالحق هنا الفناء والزوال ﴿ تعالى ﴾ الله ﴿ عما يشركون ﴾ أي ترفع وتقدس عن إشراكهم أو عن شركة الذي يجعلونه شريكا له
ثم لما كان نوع الإنسان أشرف أنواع المخلوقات السفلية قدمه وخصه بالذكر فقال : ٤ - ﴿ خلق الإنسان ﴾ وهو اسم لجنس هذا النوع ﴿ من نطفة ﴾ من جماد يخرج من حيوان وهو المني فنقله أطوارا إلى أن كملت صورته ونفخ فيه الروح وأخرجه من بطن أمه إلى هذه الدار فعاش فيها ﴿ فإذا هو ﴾ بعد خلقه على هذه الصفة ﴿ خصيم ﴾ أي كثير الخصومة والمجادلة والمعنى : أنه كالمخاصم لله سبحانه في قدرته ومعنى ﴿ مبين ﴾ ظاهر الخصومة واضحها وقيل يبين عن نفسه ما يخاصم به من الباطل والمبين هو المفصح عما في ضميره بمنطقه ومثله قوله تعالى :﴿ أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ﴾
ثم عقب ذكر خلق الإنسان بخلق الأنعام لما فيها من النفع لهذا النوع فالامتنان بها أكمل من الامتناع بغيرها فقال :﴿ والأنعام خلقها لكم ﴾ وهي الإبل والبقر والغنم وأكثر ما يقال نعم وأنعام للإبل ويقال للمجموع ولا يقال للغنم مفردة ومنه قول حسان :
( وكانت لا يزال بها أنيس | خلال مروجها نعم وشاء ) |