ثم أردف هذه النعم الموجبة للتوحيد المفيدة للاستدلال على المطلوب بنعمة أخرى وآية كبرى فقال : ١٥ - ﴿ وألقى في الأرض رواسي ﴾ أي جبالا ثابتة يقال رسا يرسو : إذا ثبت وأقام قال الشاعر :

( فصبرت عارفة لذلك حرة ترسو إذا نفس الجبان تطلع )
﴿ أن تميد بكم ﴾ أي كراهة أن تميد بكم على ما قاله البصريون أو لئلا تميد بكم على ما قاله الكوفيون والميد : الاضطراب يمينا وشمالا ماد الشيء يميد ميدا تحرك ومادت الأغصان تمايلت وماد الرجل تبختر ﴿ وأنهارا ﴾ أي وجعل فيها أنهارا لأن الإلقاء ها هنا بمعنى الجعل والخلق كقوله :﴿ وألقيت عليك محبة مني ﴾ ﴿ وسبلا ﴾ أي وجعل فيها سبلا وأظهرها وبينها لأجل تهتدون بها في أسفاركم إلى مقاصدكم والسبل : الطرق
١٦ - ﴿ وعلامات ﴾ أي وجعل فيها علامات وهي معالم الطرق والمعنى : أنه سبحانه جعل للطرق علامات يهتدون بها ﴿ وبالنجم هم يهتدون ﴾ المراد بالنجم الجنس : أي يهتدون به في سفرهم ليلا وقرأ ابن وثاب ﴿ وبالنجم ﴾ بضم النون والجيم ومراده النجوم فقصره أو هو جمع نحو سقف وسقف وقيل المراد بالنجم هنا الجدي والفرقدان قاله الفراء وقيل الثريا وقيل العلامات الجبال وقيل هي النجوم لأن من النجوم ما يهتدى به ومنها ما يكون علامة لا يهتدى بها وذهب الجمهور إلى أن المراد في الآية الاهتداء في الأسفار وقيل هو الاهتداء إلى القبلة ولا مانع من حمل ما في الآية على ما هو أعم من ذلك قال الأخفش : تم الكلام عند قوله وعلامات وقوله :﴿ وبالنجم هم يهتدون ﴾ كلام منفصل عن الأول


الصفحة التالية
Icon