٤٦ - ﴿ أو يأخذهم في تقلبهم ﴾ ذكر المفسرون فيه وجوها فقيل المراد في أسفارهم ومتاجرهم فإنه سبحانه قادر على أن يهلكهم في السفر كما يهلكهم في الحضر وهم لا يفوتونه بسبب ضربهم في الأرض وبعدهم عن الأوطان وقيل المراد في حال تقلبهم في قضاء أوطارهم بوجود الحيل فيحول الله بينهم وبين مقاصدهم وحيلهم وقيل في حال تقلبهم في الليل على فرشهم وقيل في حال إقبالهم وإدبارهم وذهابهم ومجيئهم بالليل والنهار والقلب بالمعنى الأول مأخوذ من قوله :﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ﴾ وبالمعنى الثاني مأخوذ من قوله :﴿ وقلبوا لك الأمور ﴾ ﴿ فما هم بمعجزين ﴾ أي بفائتين ولا ممتنعين
٤٧ - ﴿ أو يأخذهم على تخوف ﴾ أي حال تخوف وتوقع للبلايا بأن يكونوا متوقعين للعذاب حذرين منه غير غافلين عنه فهو خلاف ما تقدم من قوله ﴿ أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون ﴾ وقيل معنى ﴿ على تخوف ﴾ على تنقص قال ابن الأعرابي : أي على تنقص من الأموال والأنفس والثمرات حتى أهلكهم قال الواحدي : قال عامة المفسرين : على تخوف قال تنقص : إما بقتل أو بموت يعني بنقص من أطرافهم ونواحيهم يأخذهم الأول فالأول حتى يأتي الأخذ على جميعهم قال والتخوف التنقص يقال هو يتخوف المال : أي يتنقصه ويأخذ من أطرافه انتهى يقال تخوفه الدهر وتخونه بالفاء والنون : تنقصه قال ذو الرمة :

( لا بل هو الشوق من دار تخوفها مرا سحاب ومرا بارح ترب )
وقال لبيد :
( تخوفها نزولي وارتحالي )
أي تنقص لحمها وشحمها قال الهيثم بن عدي : التخوف بالفاء التنقص لغة لأزد شنودة وأنشد :
( تخوف عدوهم مالي وأهدى سلاسل في الحلوق لها صليل )
وقيل على تخوف : على عجل قاله الليث بن سعد وقيل على تقريع با قدموه من ذنوبهم روي ذلك عن ابن عباس وقيل على تخوف : أن يعاقب ويتجاوز قاله قتادة :﴿ فإن ربكم لرؤوف رحيم ﴾ لا يعاجل بل يمهل رأفة ورحمة لكم مع استحقاقهم للعقوبة


الصفحة التالية
Icon