لما بين سبحانه من حال هؤلاء أنهم عرفوا نعمة الله ثم أنكروها وأن أكثرهم كافرون أتبعه بأصناف وعيد يوم القيامة فقال : ٨٤ - ﴿ ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ﴾ أي واذكر يوم نبعث أو يوم نبعث وقعوا فيما وقعوا فيه وشهيد كل أمة نبيها يشهد لهم بالإيمان والتصديق وعليهم بالكفر والجحود والتكذيب ﴿ ثم لا يؤذن للذين كفروا ﴾ أي في الاعتذار إذ لا حجة لهم ولا عذر كقوله سبحانه :﴿ ولا يؤذن لهم فيعتذرون ﴾ أو في كثرة الكلام أو في الرجوع إلى دار الدنيا وإيراد ثم ها هنا للدلالة على أن ابتلاءهم بالمنع عن الاعتذار المنبئ عن الإقناط الكلي أشد من ابتلائهم بشهادة الأنبياء ﴿ ولا هم يستعتبون ﴾ لأن العتاب إنما يطلب لأجل العود إلى الرضا فإذا كان على عزم السخط فلا فائدة في العتاب والمعنى : أنهم لا يسترضون : أي لا يكلفون أن يرضوا ربهم لأن الآخرة ليست بدار تكليف ولا تركون إلى رجوع الدنيا فيتوبون وأصل الكلمة من العتب وهو الموجد يقال عتب عليه يعتب : إذا وجد عليه فإذا أفاض عليه ما عتب فيه عليه قيل عاتبه فإذا رجع إلى مسرته قيل أعتبه والاسم العتبى وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب قاله الهروي ومنه قول النابغة :


٨٥ -﴿ وإذا رأى الذين ظلموا العذاب ﴾ أي وإذا رأى الذين أشركوا العذاب الذي يستحقونه بشركهم وهو عذاب جهنم ﴿ فلا يخفف ﴾ ذلك العذاب ﴿ عنهم ولا هم ينظرون ﴾ أي ولا هم يمهلون ليتوبوا إذ لا توبة هنالك
٨٦ -﴿ وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم ﴾ أي أصنامهم وأوثانهم التي عبدوها لما تقرر من أنهم يبعثون مع المشركين ليقال لهم من كان يعبد شيئا فليتبعه كما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه و سلم ﴿ قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك ﴾ أي الذين كنا نعبدهم من دونك قال أبو مسلم الأصفهاني : مقصود المشركين بهذا القول إحالة الذنب على تلك الأصنام تعللا بذلك واسترواحا مع كونهم يعلمون أن العذاب واقع بهم لا محالة ولكن الغريق يتعلق بكل ما تقع يده عليه ﴿ فألقوا إليهم القول ﴾ أي ألقى أولئك الأصنام والأوثان والشياطين ونحوهم إلى المشركين القول ﴿ إنكم لكاذبون ﴾ أي قالوا لهم إنكم أيها المشركون لكاذبون فيما تزعمون من إحالة الذنب علينا الذي هو مقصودكم من هذا القول فإن قيل إن المشركين أشاروا إلى الأصنام ونحوها أن هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك وقد كانوا صادقين في ذلك فكيف كذبتهم الأصنام ونحوها أن هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك وقد كانوا صادقين في ذلك فكيف كذبتهم الأصنام ونحوها ؟ فالجواب بأن مرادهم من قولهم هؤلاء شركاؤنا : هؤلاء شركاء الله في المعبودية فكذبتهم الأصنام في دعوى هذه الشركة والأصنام والأوثان وإن كانت لا تقدر على النطق فإن الله سبحانه ينطقها في تلك الحال لتخجيل المشركين وتوبيخهم وهذا كما قالت الملائكة ﴿ بل كانوا يعبدون الجن ﴾ يعنون أن الجن هم الذين كانوا راضين بعبادتهم لهم


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
( فإن كنت مظلوما فعبدا ظلمته وإن كنت ذا عتبى فمثلك يعتب )