ولما فرغ سبحانه من الإلهيات شرع في ذكر بعض من آيات القرآن وما يقع من سامعيه فقال : ٤٥ - ﴿ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ﴾ جعلنا بينك يا محمد وبين المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا : أي إنهم لإعراضهم عن قراءتك وتغافلهم عنك كمن بينك وبينه حجاب يمرون بك ولا يرونك ذكر معناه الزجاج وغيره ومعنى مستورا ساتر قال الأخفش : أراد ساترا والفاعل قد يكون في لفظ المفعول كما تقول : إنك لمشؤوم وميمون وإنما هو شائم ويامن وقيل معنى مستورا ذا ستر كقولهم سيل مفعم : أي ذو إفعام وقيل هو حجاب لا تراه الأعين فهو مستور عنها وقيل حجاب من دونه حجاب فهو مستور بغيره وقيل المراد بالحجاب المستور الطبع والختم
٤٦ - ﴿ وجعلنا على قلوبهم أكنة ﴾ الأكنة : جمع كنان وقد تقدم تفسيره في الأنعام وقيل هو حكاية لما كانوا يقولونه من قولهم :﴿ قلوبنا غلف ﴾ ﴿ وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ﴾ و ﴿ أن يفقهوه ﴾ مفعول لأجله : أي كراهة أن يفقهوه أو لئلا يفقهوه أي يفهموا ما فيه من الأوامر والنواهي والحكم والمعاني ﴿ وفي آذانهم وقرا ﴾ أي صمما وثقلا وفي الكلام حذف والتقدير : إن يسمعوه ومن قبائح المشركين أنهم كانوا يحبون أن يذكر آلهتهم كما يذكر الله سبحانه فإذا سمعوا ذكر الله دون ذكر آلهتهم نفروا عن المجلس ولهذا قال الله :﴿ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ﴾ أي واحدا غير مشفوع بذكر آلهتهم فهو مصدر وقع موقع الحال ﴿ ولوا على أدبارهم نفورا ﴾ هو مصدر والتقدير : هربوا نفورا أو نفروا نفورا وقيل جمع نافر كقاعد وقعود والأول أولى ويكون المصدر في موضع الحال : أي ولوا نافرين