قوله : ١٧ - ﴿ وترى الشمس إذا طلعت ﴾ شرع سبانه في بيان حالهم بعد ما أووا إلى الكهف ﴿ تزاور ﴾ قرأ أهل الكوفة بحذف تاء التفاعل وقرأ ابن عامر تزور قال الأخفش : لا يوضع الأزورار في هذا المعنى إنما يقال هو مزور عني : أي منقبض وقرأ الباقون بتشديد الزاي وإدغام تاء التفاعل فيه بعد تسكينها وتزاور مأخوذ من الزور بفتح الواو وهو الميل ومنه زاره إذا مال إليه والزور الميل فمعنى الآية أن الشمس إذا طلعت تميل وتنتحي ﴿ عن كهفهم ﴾ قال الراجز الكلبي :
( جاب المندا عن هوانا أزور )
أي مائل ﴿ ذات اليمين ﴾ أي ناحية اليمين وهي الجهة المسماة باليمين وانتصاب ذات على الظرف ﴿ وإذا غربت تقرضهم ﴾ القرض : القطع قال الكسائي والأخفش والزجاج وأبو عبيدة : تعدل عنهم وتتركهم قرضت المكان : عدلت عنه تقول لصاحبك : هل وردت مكان كذا ؟ فيقول إنما قرضته : إذا مر به وتجاوز عنه والمعنى : أن الشمس إذا طلعت مالت عن كهفهم ذات اليمين : أي يمين الكهف وإذا غربت تمر ﴿ ذات الشمال ﴾ أي شمال الكهف لا تصيبه بل تعدل عن سمته إلى الجهتين والفجوة المكان المتسع وجملة ﴿ وهم في فجوة منه ﴾ في محل نصب على الحال وللمفسرين في تفسير هذه الجملة قولان : الأول أنهم مع كونهم في مكان منفتح انفتاحا واسعا في ظل جميع نهارهم لا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا في غروبها لأن الله سبحانه حجبها عنهم والثاني أن باب ذلك الكهف كان مفتوحا إلى جانب الشمال فإذا طلعت الشمس كانت عن يمين الكهف وإذا غربت كانت عن يساره ويؤيد القول الأول قوله :﴿ ذلك من آيات الله ﴾ فإن صرف الشمس عنهم مع توجه الفجوة إلى مكان تصل إليه عادة أنسب بمعنى كونها آية ويؤيده أيضا إطلاق الفجوة وعدم تقييدها بكونها إلى جهة كذا ومما يدل على أن الفجوة المكان الواسع قول الشاعر :
( ألبست قومك مخزاة ومنقصة | حتى أبيحوا وخلوا فجوة الدار ) |