٣٦ - ﴿ وما أظن الساعة قائمة ﴾ أنكر البعث بعد إنكاره لفناء جنته قال الزجاج : أخبر أخاه بكفره بفناء الدنيا وقيام الساعة ﴿ ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ﴾ اللام هي الموطئة للقسم والمعنى : أنه إن يرد إلى ربه فرضا وتقديرا كما زعم صاحبه واللام في ﴿ لأجدن ﴾ جواب القسم والشرط : أي لأجدن يومئذ خيرا من هذه الجنة في مصاحف مكة والمدينة والشام خيرا منهما وفي مصاحف أهل البصرة والكوفة ﴿ خيرا منها ﴾ على الإفراد و ﴿ منقلبا ﴾ منتصب على التمييز : أي مرجعا وعاقبة قال هذا قياسا للغائب على الحاضر وأنه لما كان غنيا في الدنيا سيكون غنيا في الأخرى اغترارا منه بما صار فيه من الغنى التي هو استدراج له من الله
٣٧ - ﴿ قال له صاحبه ﴾ أي قال للكافر صاحبه المؤمن حال محاورته له منكرا عليه ما قاله :﴿ أكفرت بالذي خلقك من تراب ﴾ بقولك ﴿ ما أظن الساعة قائمة ﴾ وقال ﴿ خلقك من تراب ﴾ : أي جعل أصل خلقك من تراب حيث خلق أباك آدم منه وهو أصلك وأصل البشر فلكل فرد حظ من ذلك وقيل يحتمل أنه كان كافرا بالله فأنكر عليه ما هو عليه من الكفر ولم يقصد أن الكفر حدث له بسبب هذه المقالة ﴿ ثم من نطفة ﴾ وهي المادة القريبة ﴿ ثم سواك رجلا ﴾ أي صيرك إنسانا ذكرا وعدل أعضاءك وكملك وفي هذا تلويح بالدليل على البعث وأن القادر على الابتداء قادر على الإعادة وانتصاب رجلا على الحال أو التمييز
٣٨ - ﴿ لكنا هو الله ربي ﴾ كذا قرأ الجمهور بإثبات الألف بعد لكن المشددة وأصله لكن أنا حذفت الهمزة وألقيت حركتها على النون الساكنة قبلها فصار لكننا ثم استثقلوا اجتماع النونين فسكنت الأولى وأدغمت الثانية وضمير هو للشأن والجملة بعده خبره والمجموع خبر أنا والراجع ياء الضمير وتقدير الكلام : لكن أنا الشأن الله ربي قال أهل العربية : إثبات ألف أنا في الوصل ضعيف قال النحاس : مذهب الكسائي والفراء والمازني أن الأصل لكن أنا وذكر نحو ما قدمنا وروي عن الكسائي أن الأصل لكن الله هو ربي أنا قال الزجاج : إثبات الألف في ﴿ لكنا ﴾ في الإدراج جيد لأنها قد حذفت الألف من أنا فجاءوا بها عوضا قال : وفي قراءة أبي لكن أنا هو الله ربي وقرأ ابن عامر والمثنى عن نافع وورش عن يعقوب ﴿ لكنا ﴾ في حال الوصل والوقف معا بإثبات الألف ومثله قول الشاعر :

( أنا سيف العشيرة فاعرفوني فإني قد تذربت السناما )
ومنه قول الأعشى :
( فكيف أنا وألحان القوافي وبعد الشيب يكفي ذاك عارا )
ولا خلاف في إثباتها في الوقف وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وأبو العالية وروي عن الكسائي لكن هو الله ربي ثم نفى عن نفسه الشرك بالله فقال :﴿ ولا أشرك بربي أحدا ﴾ وفيه إشارة إلى أن أخاه كان مشركا


الصفحة التالية
Icon