٧ - ﴿ يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى ﴾ قال جمهور المفسرين : إن هذا النداء من الله سبحانه وقيل إنه من جهة الملائكة لقوله في آل عمران ﴿ فنادته الملائكة ﴾ وفي الكلام حذف : أي فاستجاب له دعاءه فقال يا زكرياء وقد تقدم في آل عمران وجه التسمية بيحيى وزكرياء قال الزجاج : سمي يحيى لأنه حيي بالعلم والحكمة التي أوتيها ﴿ لم نجعل له من قبل سميا ﴾ قال أكثر المفسرين : معناه لم نسم أحدا قبله يحيى وقال مجاهد وجماعة : معنى ﴿ لم نجعل له من قبل سميا ﴾ أنه لم يجعل له مثلا ولا نظيرا فيكون على هذا مأخوذ من المساماة أو السمو ورد هذا بأنه يقتضي تفضيله على إبراهيم وموسى وقيل معناه : لم تلد عاقر مثله والأول أولى وفي إخباره سبحانه بأنه لم يسم بهذا الاسم قبله أحد فضيلة له من جهتين : الأولى أن الله سبحانه هو الذي تولى تسميته به ولم يكلها إلى الأبوين والجهة الثانية أن تسميته باسم لم يوضع لغيره يفيد تشريفه وتعظيمه
٨ - ﴿ قال رب أنى يكون لي غلام ﴾ أي كيف أو من أي لي غلام ؟ وليس معنى هذا الاستفهام الإنكار بل التعجب من قدرة الله وبديع صنعه حيث يخرج ولدا من امرأة عاقر وشيخ كبير وقد تقدم الكلام على مثل هذا في آل عمران ﴿ وقد بلغت من الكبر عتيا ﴾ يقال عتا الشيخ يعتو عتيا إذا انتهى سنه وكبر وشيخ عات إذا صار إلى حال اليبس والجفاف والأصل عتوا لأنه من ذوات الواو فأبدلوه ياء لكونها أخف ومثل ما في الآية قول الشاعر :
( إنما يعذر الوليد ولا يعـ | ذر من كان في الزمان عتيا ) |