٣٨ - ﴿ أسمع بهم وأبصر ﴾ قال أبو عباس : العرب تقول هذا في موضع التعجب فيقولون : أسمع تريد وأبصر به : أي ما أسمعه وأبصره فعجب الله سبحانه نبينه صلى الله عليه و سلم منهم ﴿ يوم يأتوننا ﴾ أي للحساب والجزاء ﴿ لكن الظالمون اليوم ﴾ أي في الدنيا ﴿ في ضلال مبين ﴾ أي واضح ظاهر ولكنهم أغفلوا التفكر والاعتبار والنظر في الآثار
٣٩ - ﴿ وأنذرهم يوم الحسرة ﴾ أي يوم يتحسرون جميعا فالمسيء يتحسر على إساءته والمحسن على عدم استكثاره من الخير ﴿ إذ قضي الأمر ﴾ أي فرغ من الحساب وطويت الصحف وصار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار وجملة ﴿ وهم في غفلة ﴾ في محل نصب على الحال : أي غافلين عما يعمل بهم وكذلك جملة ﴿ وهم لا يؤمنون ﴾ في محل نصب على الحال
٤٠ - ﴿ إنا نحن نرث الأرض ومن عليها ﴾ أي نميت سكانها فلا يبقى بها أحد يرث الأموات فكأنه سبحانه ورث الأرض ومن عليها حيث أماتهم جميعا ﴿ وإلينا يرجعون ﴾ أي يردون إلينا يوم القيامة فنجازي كلا بعمله وقد تقدم مثل هذا في سورة الحجر
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ قول الحق ﴾ قال : الله الحق عز و جل وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ الذي فيه يمترون ﴾ قال : اجتمع بنو إسرائيل وأخرجوا منهم أربعة نفر من كل قوم عالمهم فامتروا في عيسى حين رفع فقال أحدهم : هو الله هبط إلى الأرض وأحيا من أحيا وأمات من أمات ثم صعد إلى السماء وهم اليعقوبية فقالت الثلاثة : كذبت ثم قال إثنان منهم للثالث : قل فيه فقال : هو ابن الله وهم النسطورية فقال إثنان كذبت ثم قال أحد الاثنين للآخر : قل فيه فقال : هو ثالث ثلاثة الله إله وعيسى إله وأمه إله وهم الاسرائيلية وهم ملوك النصارى فقال الرابع : كذبت هو عبد الله ورسوله وروحه من كلمته وهم المسلمون فكان لكل رجل منهم أتباع على ما قال فاقتتلوا فظهروا على المسلمين فذلك قول الله سبحانه :﴿ ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ﴾ قال قتادة : وهم الذين قال الله ﴿ فاختلف الأحزاب من بينهم ﴾ قال : اختلفوا فيه فصاروا أحزابا فاختصم القوم فقال المرء المسلم : أنشدكم بالله هل تعلمون أن عيسى كان يطعم الطعام وأن اللاه لا يطعم ؟ قالوا : اللهم نعم قال : فهل تعلمون أن عيسى كان ينام وأن الله لا ينام ؟ قالوا : اللهم نعم فخصمهم المسلمون فاقتتل القوم فذكر لنا أن اليعقوبية ظهرت يومئذ وأصيب المسلمون فأنزل الله ﴿ فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ﴾ وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أسمع بهم وأبصر ﴾ يقول الكفار يومئذ : أسمع شيء وأبصره وهم اليوم لا يسمعون ولا يبصرون وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ يوم يأتوننا ﴾ قال : ذلك يوم القيامة وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال : يا أهل الجنة هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون إليه فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه ثم ينادي أهل النار هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه فيؤمر به فيذبح ويقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ﴿ وأنذرهم يوم الحسرة ﴾ الآية وأشار بيده قال : أهل الدنيا في غفلة ] وأخرج النسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا نحوه وأخرج ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : يوم الحسرة : هو من أسماء يوم القيامة وقرأ ﴿ أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ﴾ وعلي هذا ضعيف والآية التي استدل بها ابن عباس لا تدل على المطلوب لا بمطابقة ولا تضمن ولا التزام


الصفحة التالية
Icon