ثم أردف سبحانه مقالة أولئك المفتخرين بأخرى مثلها على سبيل التعجب فقال : ٧٧ - ﴿ أفرأيت الذي كفر بآياتنا ﴾ أي أخبرني بقصة هذا الكافر واذكر حديثه عقب حديث أولئك وإنما استعملوا أرأيت بمعنى أخبر لأن رؤية الشيء من أسباب صحة الخبر عنه والآيات تعم كل آية ومن جملتها آية البعث والفاء للعطف على مقدر يدل عليه المقام : أي أنظرت فرأيت واللام في ﴿ لأوتين مالا وولدا ﴾ هي الموطئة للقسم كأنه قال : والله لأوتين في الآخرة مالا وولدا : أي انظر إلى حال هذا الكافر وتعجب من كلامه وتأليه على الله مع كفره به وتكذيبه بآياته
ثم أجاب سبحانه عن قول هذا الكافر بما يدفعه ويبطله فقال ٧٨ - ﴿ أطلع ﴾ على ﴿ الغيب ﴾ أي أعلم ما غاب عنه حتى يعلم أنه في الجنة ﴿ أم اتخذ عند الرحمن عهدا ﴾ بذلك فإنه لا يتوصل إلى العلم إلا بإحدى هاتين الطريقتين وقيل المعنى : أنظر في اللوح المحفوظ ؟ أم اتخذ عند الرحمن عهدا وقيل معنى : أم اتخذ عند الرحمن عهدا ؟ أم قال لا إله إلا الله فأرحمه بها وقيل المعنى أم قدم عملا صالحا فهو يرجوه واطلع مأخوذ من قولهم : اطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه وقرأ حمزة والكسائي ويحيى بن وثاب والأعمش ﴿ وولدا ﴾ بضم الواو والباقون بفتحها فقيل هما لغتان معناهما واحد يقال ولد وولد كما يقال عدم وعدم قال الحارث بن حلزة :
( ولقد رأيت معاشرا... قد ثمروا مالا وولدا )
وقال آخر :
( فليت فلانا كان في بطن أمه... وليت فلانا كان ولد حمار )
وقيل الولد بالضم للجمع وبالفتح للواحد وقد ذهب الجمهور إلى أن هذا الكافر أراد بقوله : لأوتين مالا وولدا أنه يؤتى ذلك في الدنيا وقال جماعة في الجنة وقيل المعنى : إن أقمت على دين آبائي لأوتين وقيل المعنى : لو كنت على باطل لما أوتيت مالا وولدا
٧٩ - ﴿ كلا سنكتب ما يقول ﴾ كلا حرف ردع وزجر : أي ليس الأمر على ما قال هذا الكافر من أنه يؤتى المال والولد سيكتب ما يقول : أي ستحفظ عليه ما يقوله فنجازيه في الآخرة أو سنظهر ما يقول أو سننتقم منه انتقام من كتبت معصيته ﴿ ونمد له من العذاب مدا ﴾ أي نزيده عذابا فوق عذابه مكان ما يدعيه لنفسه من الإمداد بالمال والولد أو نطول له من العذاب ما يستحقه وهو عذاب من جمع بين الكفر والاستهزاء


الصفحة التالية
Icon