٥١ - ﴿ قال فما بال القرون الأولى ﴾ لما سمع فرعون ما احتج به موسى في ضمن هذا الكلام على إثبات الربوبية كما لا يخفى من أن الخلق والهداية ثابتان بلا خلاف ولا بد لهما من خالق وهاد وذلك الخالق والهادي هو الله سبحانه لا رب غيره قال فرعون : فما بال القرون الأولى فإنها لم تقر بالرب الذي تدعو إليه يا موسى بل عبدت الأوثان ونحوهما من المخلوقات ومعنى البال الحال والشأن : أي ما حالهم وما شأنهم ؟ وقيل إن سؤال فرعون عن القرون الأولى فإنها لم تقر بالرب الذي تدعو إليه يا موسى بل عبدت الأوثان ونحوها من المخلوقات ومعنى البال الحال والشأن : أي ما حالهم وما شأنهم ؟ وقيل إن سؤال فرعون عن القرون الأولى مغالطة لموسى لما خاف أن يظهر لقومه أنه قد قهره بالحجة : أي ما حال القرون الماضية وماذا جرى عليهم من الحوادث ؟
فأجابه موسى فـ ٥٢ - ﴿ قال علمها عند ربي ﴾ أن إن هذا الذي سألت عنه ليس مما نحن بصدده بل هو من علم الغيب الذي استأثر الله به لا تعلمه أنت ولا أنا وعلى التفسير الأول يكون معنى ﴿ علمها عند ربي ﴾ أن علم هؤلاء الذين عبدوا الأوثان ونحوها محفوظ عند الله في كتابه سيجازيهم عليها ومعنى كونها في كتاب أنها مثبته في اللوح المحفوظ قال الزجاج : المعنى أن أعمالهم محفوطة عند الله يجازي بها والتقدير : علم أعمالها عند ربي في كتاب
وقد اختلف في معنى ﴿ لا يضل ربي ولا ينسى ﴾ على أقوال : الأول أنه ابتداء كلام تنزيه لله تعالى عن هاتين الصفتين وقد تم الكلام عند قوله ﴿ في كتاب ﴾ كذا قال الزجاج قال ومعنى ﴿ لا يضل ﴾ لا يهلك من قوله ﴿ أإذا ضللنا في الأرض ﴾ ﴿ ولا ينسى ﴾ شيئا من الأشياء فقد نزهه عن الهلاك والنسيان القول الثاني أن معنى لا يضل لا يخطئ القول الثالث أن معناه لا يغيب قال ابن الأعرابي : أصل الضلال الغيبوبة القول الرابع أن المعنى لا يحتاج إلى كتاب ولا يضل عنه علم شيء من الأشياء ولا ينسى ما علمه منها حكي هذا عن الزجاج أيضا قال النحاس : وهو أشبهها بالمعنى ولا يخفى أنه كقول ابن الأعرابي القول الخامس أن هاتين الجملتين صفة لكتاب والمعنى : أن الكاتب غير ذاهب عن الله ولا ناس له


الصفحة التالية
Icon