٦٢ - ﴿ فتنازعوا أمرهم بينهم ﴾ أي السحرة لما سمعوا كلام موسى تناظروا وتشاوروا وتجاذبوا أطراف الكلام في ذلك ﴿ وأسروا النجوى ﴾ أي من موسى وكانت نجواهم هي قولهم
٦٣ - ﴿ إن هذان لساحران ﴾ وقيل إنهم تناجوا فيما بينهم فقالوا : إن كان ما جاء به موسى سحرا فسنغلبه وإن كان من عند الله فسيكون له أمر وقيل الذي أسروه أنه إذا غلبهم اتبعوه قاله الفراء والزجاج وقيل الذي أسروه أنهم لما سمعوا قول موسى ويلكم لا تفتروا على الله قالوا : ما هذا بقول ساحر والنجوى المناجاة يكون اسما ومصدرا
قرأ أبو عمرو ﴿ إن هذان لساحران ﴾ بتشديد الحرف الداخل على الجملة وبالياء في اسم الإشارة على إعمال إن عملها المعروف وهو نصب الاسم ورفع الخبر ورويت هذه القراءة عن عثمان وعائشة وغيرهما من الصحابة وبها قرأ الحسن وسعيد بن جبير والنخعي وغيرهم من التابعين وبها قرأ عاصم الجحدري وعيسى بن عمر كما حكاه النحاس وهذه القراءة موافقة للإعراب الظاهر مخالفة لرسم المصحف فإنه مكتوب بالألف وقرأ الزهري والخليل بن أحمد والمفضل وأبان وابن محيصن وابن كثير وعاصم في رواية حفص عنه إن هذان بتخفيف إن على أنها نافية وهذه القراءة موافقة لرسم المصحف وللإعراب وقرأ ابن كثير مثل قراءتهم إلا أنه يشدد النون من هذان وقرأ المدنيون والكوفيون وابن عامر ﴿ إن هذان ﴾ بتشديد إن وبالألف فوافقوا الرسم وخالفوا الإعراب الظاهر وقد تكلم جماعة من أهل العلم في توجيه قراءة المدنيين والكوفيين وابن عامر وقد استوفى ذكر ذلك ابن الأنباري والنحاس فقيل إنها لغة بني الحارث بن كعب وخثعم وكنانة يجعلون رفع المثنى ونصبه وجره بالألف ومنه قول الشاعر :
( فأطرق إطراق الشجاع ولويرى | مساغا لنا باه الشجاع لصمما ) |
( تزود منا بين أذناه ضربة )
وقول الآخر :
( إن آباها وأبا أباها | قد بلغا في المجد غايتاها ) |
( ليت شعري هل للمحب شفاء | من جوى حبهن إن اللقاء ) |