فأذهب الله سبحانه ما حصل معه من الخوف بما بشره به بقوله : ٦٨ - ﴿ قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى ﴾ أي المستعلي عليهم بالظفر والغلبة والجملة تعليل للنهي عن الخوف
٦٩ - ﴿ وألق ما في يمينك ﴾ يعني العصا وإنما أبهمها تعظيما وتفخيما وجزم ﴿ تلقف ما صنعوا ﴾ على أنه جواب الأمر قرئ بتشديد القاف والأصل تتلقف فحذف إحدى التاءين وقرئ تلقف بكسر اللام من لقفه إذا ابتلعه بسرعة وقرئ تلقف بالرفع على تقدير فإنها تتلقف ومعنى ﴿ ما صنعوا ﴾ الذي صنعوه من الحبال والعصي قال الزجاج : القراءة بالجزم جواب الأمر ويجوز الرفع على معنى الحال كأنه قال : ألقها متلقفة وجملة ﴿ إنما صنعوا كيد ساحر ﴾ تعليل لقوله تلقف وارتفاع كيد على أنه خبر لإن وهي قراءة الكوفيين إلا عاصما وقرأ هؤلاء ﴿ سحر ﴾ بكسر السين وسكون الحاء وأضافة الكيد أي السحر على الاتساع من غير تقدير أو بتقدير ذي سحر وقرأ الباقون ﴿ كيد ساحر ﴾ ﴿ ولا يفلح الساحر حيث أتى ﴾ أي لا يفلح جنس الساحر حيث أتى وأين توجه وهذا من تمام التعليل
٧٠ - ﴿ فألقي السحرة سجدا ﴾ أي فألقى ذلك الأمر الذي شاهدوه من موسى والعصا والعصا السحرة سجدا لله تعالى وقد مر تحقيق هذا في سورة الأعراف ﴿ قالوا آمنا برب هارون وموسى ﴾ إنما قدم هارون على موسى في حكاية كلامهم رعاية لفواصل الآي وعناية بتوافق رؤوسها
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فيسحتكم بعذاب ﴾ قال : يهلككم وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ﴿ فيسحتكم ﴾ قال : يستأصلكم وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي صالح قال : فيذبحكم وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي ﴿ ويذهبا بطريقتكم المثلى ﴾ قال : يصرفا وجوه الناس إليهما وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : يقول أمثلكم وهم بنو إسرائيل وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق في قوله :﴿ تلقف ما صنعوا ﴾ ما يأفكون عن قتادة قال : ألقاها موسى فتحولت حية تأكل حبالهم وما صنعوا وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة أن سحرة فرعون كانوا تسعمائة فقالوا لفرعون : إن يكن هذان ساحران فإنا نغلبهما فإنه لا أسحر منا وإن كانا من رب العالمين فإنه لا طاقة لنا برب العالمين فلما كان من أمرهم أن خروا سجدا أراهم الله في سجودهم منازلهم التي إليها يصيرون فعندها ﴿ قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات ﴾ إلى قوله :﴿ والله خير وأبقى ﴾