فأجاب موسى عن ذلك ٨٤ - ﴿ قال هم أولاء على أثري ﴾ أي هم بالقرب مني تابعون لأثري واصلون بعدي وقيل لم يرد أنهم يسيرون خلفه بل أراد أنهم بالقرب منه ينتظرون عوده إليهم ثم قال مصرحا بسبب ما سأله الله عنه فقال :﴿ وعجلت إليك رب لترضى ﴾ أي لترضى عني بمسارعتي إلى امتثال أمرك أو لتزداد رضا عني بذلك قال أبو حاتم : قال عيسى بن عمر : بنو تميم يقولون أولا مقصورة وأهل الحجاز يقولون أولاء ممدودة وقرأ ابن أبي إسحاق ونضر ورويس عن يعقوب على إثري بكسر الهمزة وإسكان الثاء وقرأ الباقون بفتحها وهما لغتان ومعنى عجلت إليك : عجلت إلى الموضع الذي أمرتني بالمصير إليه لترضى عني يقال : رجل عجل وعجول وعجلان : بين العجلة والعجلة خلاف البطء
وجملة ٨٥ - ﴿ قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك ﴾ مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل فماذا قال الله له ؟ فقيل قال إنا قد فتنا قومك من بعدك : أي ابتليناهم واختبرناهم وألقيناهم في فتنة ومحنة قال ابن الأنباري : صيرناهم مفتونين أشقياء بعبادة العجل من بعد انطلاقك من بينهم وهم الذين خلفهم مع هارون ﴿ وأضلهم السامري ﴾ أي دعاهم إلى الضلالة وكان من قوم يعبدون البقر فدخل في دين بني إسرائيل في الظاهر وفي قلبه ما فيه من عبادة البقر وكان من قبيلة تعرف بالسامرة وقال لمن معه من بني إسرائيل : إنما تختلف موسى عن الميعاد الذي بينكم وبينه لما صار معكم من الحلى وهي حرام عليكم وأمرهم بإلقائها في النار فكان من أمر العجل ما كان
٨٦ - ﴿ فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا ﴾ قيل وكان الرجوع إلى قومه بعد ما استوفى أربعين يوما : ذا القعدة وعشر ذي الحجة والأسف الشديد الغضب وقيل الحزين وقد مضى في الأعراف بيان هذا مستوفى ﴿ قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ﴾ الاستفهام للإنكار التوبيخي والوعد الحسن وعدهم بالجنة إذا أقاموا على طاعته ووعدهم أن يسمعهم كلامه في التوراة على لسان موسى ليعملوا بما فيها فيستحقوا ثواب عملهم وقيل وعدهم النصر والظفر وقيل هو قوله :﴿ وإني لغفار لمن تاب ﴾ الآية ﴿ أفطال عليكم العهد ﴾ الفاء للعطف على مقدر : أي أوعدكم ذلك فطال عليكم الزمان فنسيتم ﴿ أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم ﴾ أي يلزمكم وينزل وينزل بكم والغضب : العقوبة والنقمة والمعنى : أم أردتم أن تفعلوا فعلا يكون سبب حلول غضب الله عليكم ﴿ فأخلفتم موعدي ﴾ أي موعدكم إياي فالمصدر مضاف إلى المفعول لأنهم وعدوه أن يقيموا على طاعة الله عز و جل إلى أن يرجع إليهم من الطور وقيل وعدوه أن يأتوا على أثره إلى الميقات فتوقفوا فأجابوه


الصفحة التالية
Icon