جملة ٩٢ - ﴿ قال يا هارون ﴾ مستأنفة جواب سؤال مقدر والمعنى : أن موسى لما وصل إليهم أخذ بشعور رأس أخيه هارون وبلحيته وقال ﴿ ما منعك ﴾ من اتباعي واللحوق بي عند أن وقعوا في هذه الضلالة ودخلوا في الفتنة
وقيل معنى ٩٣ - ﴿ ما منعك إذ رأيتهم ضلوا * أن لا تتبعن ﴾ ما منعك من اتباعي في الإنكار عليهم وقيل معناه : هلا قاتلتهم إذ قد علمت أني لو كنت بينهم لقاتلتهم وقيل معناه : هلا فارقتهم ولا في ﴿ أن لا تتبعن ﴾ زائدة وهو في محل نصب على أنه مفعول ثان لمنع : أي أي شيء منعك حين رؤيتك لضلالهم من اتباعي والاستفهام في ﴿ أفعصيت أمري ﴾ للإنكار والتوبيخ والفاء للعطف على مقدر كنظائره والمعنى : كيف خالفت أمري لك بالقيام لله ومنابذة من خالف دينه وأقمت بين هؤلاء الذين اتخذوا العجل إلها وقيل المراد بقوله أمري هو قوله الذي حكى الله عنه ﴿ قال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ﴾ فلما أقام معهم ولم يبالغ في الإنكار إليهم نسبه إلى عصيانه
٩٤ - ﴿ قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ﴾ قرئ بالفتح والكسر للميم وقد تقدم الكلام على هذا في سورة الأعراف ونسبه إلى الأم مع كونه أخاه لأبيه وأمه عند الجمهور استعطافا له وترقيقا لقلبه ومعنى ﴿ ولا برأسي ﴾ ولا بشعر رأسي : أي لا تفعل هذا بي عقوبة منك لي فإن لي عذرا هو ﴿ إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ﴾ أي خشيت إن خرجت عنهم وتركتهم أن يتفرقوا فتقول إني فرقت جماعتهم وذلك لأن هارون لو خرج لتبعه جماعة منهم وتخلف مع السامري عند العجل آخرون وربما أفضى ذلك إلى القتال بينهم ومعنى ﴿ ولم ترقب قولي ﴾ ولم تعمل بوصيتي لك فيهم إني خشيت أن تقول فرقت بينهم وتقول لم تعمل بوصيتي لك فيهم وتحفظها ومراده بوصية موسى له هو قوله :﴿ اخلفني في قومي وأصلح ﴾ قال أبو عبيد : معنى ﴿ ولم ترقب قولي ﴾ ولم تنتظر عهدي وقدومي لأنك أمرتني أن أكون معهم فاعتذر هارون إلى موسى ها هنا بهذا واعتذر إليه في الأعراف بما حكاه الله عنه هنالك حيث قال :﴿ إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ﴾
ثم ترك الكلام مع أخيه وخاطب السامري فـ ٩٥ - ﴿ قال فما خطبك يا سامري ﴾ أي ما شأنك وما الذي حملك على ما صنعت
٩٦ - ﴿ قال بصرت بما لم يبصروا به ﴾ أي قال السامري مجيبا على موسى : رأيت ما لم يروا أو علمت بما لم يعلموا وفطنت لما لم يفطنوا له وأراد بذلك أنه رأى جبريل على فرص الحياة فألقى في ذهنه أن يقبض قبضة من أثر الرسول وأن ذلك الأثر لا يقع على جماد إلا صار حيا وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وخلف ﴿ بما لم يبصروا به ﴾ بالمثناة من فوق على الخطاب وقرأ الباقون بالتحتية وهي أولى لأنه يبعد كل البعد أن يخاطب موسى بذلك ويدعي لنفسه أنه علم ما لم يعلم به موسى وقرئ بضم الصاد فيهما وبكسرها في الأول وفتحها في الثاني وقرأ أبي بن كعب وابن مسعود والحسن وقتادة فقبصت قبصة بالصاد المهملة فيهما وقرأ الباقون بالضاد المعجمة فيهما والفرق بينهما أن القبض بالمعجمة هو الأخذ بجميع الكف وبالمهملة بأطراف الأصابع والقبضة بضم القاف : القدر المقبوض قال الجوهري : هي ما قبضت عليه من شيء قال : وربما جاء بالفتح وقد قرئ قبضة بضم القاف وفتحها ومعنى الفتح المرة من القبض ثم أطلقت على المقبوض وهو معنى القبضة بضم القاف ومعنى ﴿ من أثر الرسول ﴾ من المجل الذي وقع عليه حافر فرس جبريل ومعنى ﴿ فنبذتها ﴾ فطرحتها في الحلي المذابة المسبوكة على صورة العجل ﴿ وكذلك سولت لي نفسي ﴾ قال الأخفش : أي زينت : أي ومثل ذلك التسويل سولت لي نفسي وقيل معنى سولت لي نفسي