ومحل ١٠٧ - ﴿ لا ترى فيها عوجا ﴾ النصب على أنه صفة ثانية لقاعا والضمير راجع إلى الجبال بذلك الاعتبار والعوج بكسر العين التعوج قاله ابن الأعرابي والأمت التلال الصغار والأمت في اللغة المكان المرتفع وقيل العوج الميل والأمت الأثر مثل الشراك وقل العوج الوادي والأمت الرابية وقيل هما الارتفاع وقيل العوج للصدوع والأمت الأكمة وقل الأمت الشقوق في الأرض وقل الأمت أن يغلظ في مكان ويدق في مكان ووصف مواضع الجبال بالعوج بكسر العين ها هنا يدفع ما يقال : إن العوج بكسر العين في المعاني وبفتحها في الأعيان وقد تكلف لذلك صاحب الكشاف في هذا الموضع بما عنه غنى وفي غيره سعة
١٠٨ - ﴿ يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له ﴾ أي يوم نسف الجبال يتبع الناس داعي الله إلى المحشر وقال الفراء : يعني صوت الحشر وقيل الداعي هو إسرافيل إذا نفخ في الصور لا عوج له : أي لا معدل لهم عن دعائه فلا يقدرون على أن يزيغوا عنه أو ينحرفوا منه بل يسرعون إليه كذا قال أكثر المفسرين وقيل لا عوج لدعائه ﴿ وخشعت الأصوات للرحمن ﴾ أي خضعت لهيبته وقيل ذلت وقيل سكنت ومنه قول الشاعر :

( لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع )
﴿ فلا تسمع إلا همسا ﴾ الهمس الصوت الخفي قال أكثر المفسرين : هو صوت نقل الأقدام إلى المحشر
ومنه قوله الشاعر :
( وهن يمشين بنا هميسا )
يعني صوت أخفاف الإبل
وقال رؤبة صف نفسه :
( ليث يدق الأسد الهموسا ولا يهاب الفيل والجاموسا )
يقال للأسد الهموس لأنه يهمس في الظلمة : أي يطأ وطئا خفيفا والظاهر أن المراد هنا كل صوت خفي سواء كان بالقدم أو من الفم أو غير ذلك ويؤيده قراءة أبي بن كعب فلا ينطقون إلا همسا
١٠٩ - ﴿ يومئذ لا تنفع الشفاعة ﴾ أي يوم يقع ما ذكر لا تنفع الشفاعة من شافع كائنا ما كان ﴿ إلا من أذن له الرحمن ﴾ أي إلا شفاعة من أذن له الرحمن أن يشفع له ﴿ ورضي له قولا ﴾ أي رضي قوله في الشفاعة أو رضي لأجله قول الشافع والمعنى : إنما تنفع الشفاعة لمن أذن له الرحمن في أن يشفع له وكان له قول يرضى ومثل هذه الآية قوله :﴿ لا يشفعون إلا لمن ارتضى ﴾ وقوله :﴿ لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ﴾ وقوله :﴿ فما تنفعهم شفاعة الشافعين ﴾


الصفحة التالية
Icon