ثم شرع سبحانه في كيفية ظهور نسيانه وفقدان عزمه والعامل في إذ مقدر : أي ١١٦ - ﴿ و ﴾ اذكر ﴿ إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ﴾ وتعليق الذكر بالوقت مع أن المقصود ذكر ما فيه من الحوادث للمبالغة لأنه إذا وقع الأمر بذكر الوقت كان ذكر ما فيه من الحوادث لازما بطريق الأولى وقد تقدم تفسير هذه القصة في البقرة مستوفى
ومعنى ١١٧ - ﴿ فتشقى ﴾ فتتعب في تحصيلر ما لا بد منه في المعاش كالحرث والزرع ولم يقل فتشقيا لأن الكلام من أول القصة مع آدم وحده
ثم علل ما يوجبه ذلك النهي بما فيه الراحة الكاملة عن التعب والاهتمام فقال : ١١٨ - ﴿ إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى ﴾ أي في الجنة والمعنى : أن لك فيها أن تمتعا بأنواع المعايش وتنعما بأصناف النعم من المأكل الشهية والملابس البهية فإنه لما نفي عنه الجوع والعري أفاد ثبوت الشبع والاكتساء له
وهكذا قوله : ١١٩ - ﴿ وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ﴾ فإن نفي الظمأ يستلزم حصول الري ووجود المسكن الذي يدفع عنه مشقة الضحو يقال ضحى الرجل يضحى ضحوا : إذا برز للشمس فأصابه حرها فذكر سبحانه ها هنا أنه قد كفاه الاشتغال بأمر المعاش وتعب الكد في تحصيله ولا ريب أن أصول المتاعب في الدنيا هي تحصيل الشبع والري والكسوة والكن وما عدا هذه ففضلات يمكن البقاء بدونها وهو إعلام من الله سبحانه لآدم أنه إن أطاعه فله في الجنة هذا كله وإن ضيع وصيته ولم يحفظ عهده أخرجه من الجنة إلى الدنيا فيحل به التعب والنصب مما يدفع الجوع والعري والظمأ والضحو فالمراد بالشقاء شقاء الدنيا كما قاله كثير من المفسرين لا شقاء الأخرى قال الفراء : هو أن يأكل من كد يديه وقرأ أبو عمرو والكوفيون إلا عاصما ﴿ وأنك لا تظمأ ﴾ بفتح أن وقرأ الباقون بكسرها على العطف على إن لك