قوله : ٢٦ - ﴿ وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ﴾ هؤلاء القائلون هم خزاعة فإنهم قالوا الملائكة بنات الله وقيل هم اليهود ويصح حمل الآية على كل من جعل لله ولدا وقد قالت اليهود : عزير ابن الله وقالت النصارى : المسيح ابن الله وقالت طائفة من العرب : الملائكة بنات الله ثم نزه عز و جل نفسه فقال :﴿ سبحانه ﴾ أي تنزيها له عن ذلك وهو مقول على ألسنة العباد ثم أضرب عن قولهم وأبطله فقال ﴿ بل عباد مكرمون ﴾ أي ليسوا كما قالوا بل هم عباد لله سبحانه مكرمون بكرامته لهم مقربون عنده وقريء مكرمون بالتشديد وأجاز الزجاج والفراء نصب عباد على معنى : بل اتخذ عبادا
ثم وصفهم بصفة أخرى فقال : ٢٧ - ﴿ لا يسبقونه بالقول ﴾ أي لا يقولون شيئا حتى يقوله : أو يأمرهم به كذا قال ابن قتيبة وغيره وفي هذا دليل على كمال طاعتهم وانقيادهم وقرئ لا يسبقونه بضم الباء من سبقته أسبقه ﴿ وهم بأمره يعملون ﴾ أي هم العاملون بما يأمرهم الله به التابعون له المطيعون لربهم
٢٧ - ﴿ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ﴾ هذه الجملة تعليل لما قبلها : أي يعلم ما عملوا وما هم عاملون أو يعلم ما بين أيديهم وهو الآخرة وما خلفهم وهو الدنيا ووجه التعليل أنهم إذا علموا بأنه عالم بما قدموا وأخروا لم يعملوا عملا ولم يقولوا قولا إلا بأمره ﴿ ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ﴾ أي يشفع الشافعون له وهو من رضي عنه وقيل هم أهل لا إله إلا الله وقدد ثبت في الصحيح أن الملائكة يشفعون في الدار الآخرة ﴿ وهم من خشيته مشفقون ﴾ أي من خشيتهم منه فالمصدر مضاف إلى المفعول والخشية الخوف من التعظيم والإشفاق الخوف من التوقع والحذر : أي لا يأمنون مكر الله
٢٩ - ﴿ ومن يقل منهم إني إله من دونه ﴾ أي من يقل من الملائكة إني إله من دون الله قال المفسرون : عنى بهذا إبليس لأنه لم يقل أحد من الملائكة إني إله إلا إبليس وقيل الإشارة إلى جميع الأنبياء ﴿ فذلك نجزيه جهنم ﴾ أي فذلك القائل على سبيل الفرض والتقدير : نجزيه جهنم بسبب هذا القول الذي قاله كما نجزي غيره من المجرمين ﴿ كذلك نجزي الظالمين ﴾ أي مثل ذلك الجزاء الفظيع نجزي الظالمين أو مثل ما جعلنا جزاء هذا القائل جهنم فكذلك نجزي الظالمين الواضعين الإلهية والعبادة في غير موضعها والمراد بالظالمين المشركون


الصفحة التالية
Icon