١٠٦ - ﴿ إن في هذا لبلاغا ﴾ أي فيما جرى ذكره في هذه السورة من الوعظ والتنبيه لبلاغا لكفاية يقال في هذا الشيء بلاغ وبلغة وتبليغ : أي كفاية وقيل الإشارة بقوله :﴿ إن في هذا ﴾ إلى القرآن ﴿ لقوم عابدين ﴾ أي مشغولين بعبادة الله مهتمين بها والعبادة هي الخضوع والتذلل وهم أمة محمد صلى الله عليه و سلم ورأس العبادة الصلاة
١٠٧ - ﴿ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ﴾ أي وما أرسلناك يا محمد بالشرائع والأحكام إلا رحمة لجميع الناس والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال والعلل : أي ما أرسلناك لعلة من العلل إلا لرحمتنا الواسعة فإن ما بعثت به سبب لسعادة الدارين قيل ومعنى كونه رحمة للكفار : أنهم أمنوا به من الخسف والمسخ والاستئصال : وقيل المراد بالعالمين المؤمنون خاصة والأول أولى بدليل قوله سبحانه :﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ﴾
ثم بين سبحانه أن أصل تلك الرحمة هو التوحيد والبراءة من الشرك فقال : ١٠٨ - ﴿ قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ﴾ إن كانت ما موصولة فالمعنى : أن الذي يوحى إلي هو أن وصفه تعالى مقصور على الوحدانية لا يتجاوزها إلى ما يناقضها أو يضادها وإن كانت ما كافة فالمعنى : أن الوحي إلي مقصور على استئثار الله بالوحدة ووجه ذلك أن القصر أبدا يكون لما يلي إنما فإنما الأولى لقصر الوصف على الشيء كقولك إنما يقوم زيد : أي ما يقوم إلا زيد والثانية لقصر الشيء على الحكم كقولك إنما زيد قائم : أي ليس به إلا صفة القيام ﴿ فهل أنتم مسلمون ﴾ منقادون مخلصون للعبادة ولتوحيد الله سبحانه
١٠٩ - ﴿ فإن تولوا ﴾ أي أعرضوا عن الإسلام ﴿ فقل ﴾ لهم ﴿ آذنتكم على سواء ﴾ أي أعلمتكم أنا وإياكم حرب لا صلح بيننا كائنين على سواء في الإعلام لم أخص به بعضكم دون بعض كقوله سبحانه :﴿ وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ﴾ أي أعلمهم أنك نقضت العهد نقضا سويت بينهم فيه وقال الزجاج : المعنى أعلمتكم ما يوحى إلي على استواء في العلم به ولا أظهر لأحد شيئا كتمته على غيره ﴿ وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ﴾ أي ما أدري أما توعدون به قريب حصوله أم بعيد وهو غلبة الإسلام أهله على الكفر وأهله وقيل المراد بما توعدون القيامة وقيل آذنتكم بالحرب ولكن لا أدري ما يؤذن لي في محاربتكم


الصفحة التالية
Icon