قوله : ١٧ - ﴿ إن الذين آمنوا ﴾ أي بالله ورسوله أو بما ذكر من الآيات البينات ﴿ والذين هادوا ﴾ هم اليهود المنتسبون إلى ملة موسى ﴿ والصابئين ﴾ قوم يعبدون النجوم وقيل هم من جنس النصارى وليس ذلك بصحيح بل هم فرقة معروفة لا ترجع إلى ملة من الملل المنتسبة إلى الأنبياء ﴿ والنصارى ﴾ هم المنتسبون إلى ملة عيسى ﴿ والمجوس ﴾ هم الذين يعبدون النار ويقولون إن العالم أصلين : النور والظلمة وقيل هم يعبدون الشمس والقمر وقيل هم يستعملون النجاسات وقيل هم قوم من النصارى اعتزلوهم ولبسوا المسوح وقيل إنهم أخذوا بعض دين اليهود وبعض دين النصارى ﴿ والذين أشركوا ﴾ الذين يعبدون الأصنام وقد مضى تحقيق هذا في البقرة ولكنه سبحانه قدم هنالك النصارى على الصابئين وأخرهم عنهم هنا فقيل وجه تقديم النصارى هنالك أنهم أهل كتاب دون الصابئين ووجه تقديم الصابئين هنا أن زمنهم على زمن النصارى وجملة ﴿ إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ﴾ في محل رفع على أنها خبر لإن المتقدمة ومعنى الفصل أنه سبحانه يقضي بينهم فيدخل المؤمنين منهم الجنة والكافرين منهم النار وقيل الفصل هو أن يميز المحق من المبطل بعلامة يعرف بها كل واحد منهما وجملة ﴿ إن الله على كل شيء شهيد ﴾ تعليل لما قبلها : أي أنه سبحانه على كل شيء من أفعال خلقه وأقوالهم شهيد لا يعزب عنه شيء منها وأنكر الفراء أن تكون جملة ﴿ إن الله يفصل بينهم ﴾ خبرا لإن المتقدمة وقال لا يجوز في الكلام : إن زيدا إن أخاه منطلق ورد الزجاج ما قاله الفراء وأنكره وأنكر ما جعله مماثلا للآية ولا شك في جواز قولك : إن زيدا الخير عنده وإن زيدا إنه منطلق ونحو ذلك