٤٨ - ﴿ وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ﴾ هذا إعلام منه سبحانه أنه أخذ قوما بعد الإملاء والتأخير قيل وتكرير هذا مع ذكره قبله للتأكيد وليس بتكرار في الحقيقة لأن الأول سيق لبيان الإهلاك مناسبا لقوله : فكيف كان نكير ولهذا عطف بالفاء بدلا عن ذلك والثاني سيق لبيان الإملاء مناسبا لقوله :﴿ ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة ﴾ فكأنه قيل : وكم من أهل قرية كانوا مثلكم ظالمين قد أمهلتهم حينا ثم أخذتهم بالعذاب ومرجع الكل إلى حكمي فجملة : وإلي المصير تذييل لتقرير ما قبلها
٤٩ - ﴿ قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين ﴾ ثم أمره الله سبحانه أن يخبر الناس بأنه نذير لهم بين يدي الساعة مبين لهم ما نزل إليهم
٥٠ - ﴿ فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم ﴾ فمن آمن وعمل صالحا فاز بالمغفرة والرزق الكريم وهو الجنة
٥١ - ﴿ والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم ﴾ ومن كان على خلاف ذلك فهو في النار وهم الذين سعوا في آيات الله معاجزين يقال عاجزه سابقه لأن كل واحد منهما في طلب إعجاز الآخر فإذا سبقه قيل أعجزه وعجزه قاله الأخفش وقيل معنى معاجزين : ظانين ومقدرين أن يعجزوا الله سبحانه ويفوتوه فلا يعذبهم قاله الزجاج وقيل معاندين قاله الفراء
وقد أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ فهي خاوية على عروشها ﴾ قال : خربة ليس فيها أحد ﴿ وبئر معطلة ﴾ عطلها أهلها وتركوها ﴿ وقصر مشيد ﴾ قال : شيدوه وحصنوه فهلكوا وتركوه وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ وبئر معطلة ﴾ قال : التي تركت لا أهل لها وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ﴿ وقصر مشيد ﴾ قال : هو المجصص وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد نحوه وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء نحوه أيضا وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ﴾ قال : من الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال في الآية : هو يوم القيامة وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة فقد مضى منها ستة آلاف وأخرج ابن عدي والديلمي عن أنس مرفوعا نحوه وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ معاجزين ﴾ قال : مراغمين وأخرج ابن جرير عنه أنه قال : مشاقين