٩١ - ﴿ قالوا تالله لقد آثرك الله علينا ﴾ أي لقد اختارك وفضلك علينا بما خصك به من صفات الكمال وهذا اعتراف منهم بفضله وعظيم قدره ولا يلزم من ذلك أن لا يكونوا أنبياء فإن درج الأنبياء متفاوتة قال الله تعالى :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ﴾ ﴿ وإن كنا لخاطئين ﴾ أي وإن الشأن ذلك قال أبو عبيدة : خطء وأخطأ بمعنى واحد وقال الأزهري : المخطىء من أراد الصواب فصار إلى غيره ومنه قولهم : المجتهد يخطىء ويصيب والخاطىء من تعمد ما لا ينبغي قالوا هذه المقالة المتضمنة للاعتراف بالخطأ والذنب استجلابا لعفوه واستجذابا لصفحه
٩٢ - ﴿ قال لا تثريب عليكم ﴾ التثريب التعيير والتوبيخ : أي لا تعيير ولا توبيخ ولا لوم عليكم قال الأصمعي ثربت عليه : قبحت عليه فعله وقال الزجاج : المعنى لا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة وحق الأخوة ولكم عندي الصلح والعفو وأصل التثريب الإفساد وهي لغة أهل الحجاز وقال ابن الأنباري : معناه قد انقطع عنكم توبيخي عند اعترافكم بالذنب قال ثعلب : ثرب فلان على فلان إذا عدد عليه ذنوبه وأصل التثريب من الثرب وهو الشحم الذي هو غاشية الكرش ومعناه إزالة التثريب كما أن التجليد والتقريع إزالة الجلد والقرع وانتصاب اليوم بالتثريب : أي لا أثرب عليكم أو منتصب بالعامل المقدر في عليكم وهو مستقر أو ثابت أو نحوهما أي لا تثريب مستقر أو ثابت عليكم وقد جوز الأخفش الوقف على عليكم فيكون اليوم متعلق بالفعل الذي بعده وقد ذكر مثل هذا ابن الأنباري ثم دعا لهم بقوله :﴿ يغفر الله لكم ﴾ على تقدير الوقف على اليوم أو أخبرهم بأن الله قد غفر لهم ذلك اليوم على تقدير الوقف على عليكم ﴿ وهو أرحم الراحمين ﴾ يرحم عباده رحمة لا يتراحمون بها فيما بينهم فيجازي محسنهم ويغفر لمسيئهم
٩٣ - قوله ﴿ اذهبوا بقميصي هذا ﴾ قيل هذا القميص هو القميص الذي ألبسه الله إبراهيم لما ألقي في النار وكساه إبراهيم إسحاق وكساه إسحاق يعقوب وكان يعقوب أدرج هذا القميص في [ قصبة ] وعلقه في عنق يوسف لما كان يخاف عليه من العين فأخبر جبريل يوسف أن يرسل به إلى يعقوب ليعود عليه بصره لأن فيه ريح الجنة وريح الجنة لا يقع على سقيم إلا شفي ولا مبتلي إلا عوفي ﴿ فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا ﴾ أي يصر بصيرا على أن يأت هي التي من أخوات كان قال الفراء : يرجع بصيرا وقال السدي : يعد بصيرا وقيل معناه : يأت إلي إلى مصر وهو بصير قد ذهب عنه العمى ويؤيد قوله ﴿ وأتوني بأهلكم أجمعين ﴾ أي جميع من شمله لفظ الأهل من النساء والذراري قيل كانوا نحو سبعين وقيل ثلاثة وتسعين


الصفحة التالية
Icon