٣١ - ﴿ وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين ﴾ هذا تسلية من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه و سلم والمعنى : أن الله سبحانه جعل لكل نبي من الأنبياء الداعين إلى الله عدوا يعاديه من مجرمي قومه فلا تجزع يا محمد فإن هذا دأب الأنبياء قبلك واصبر كما صبروا ﴿ وكفى بربك هاديا ونصيرا ﴾ قال المفسرون : الباء زائدة : أي كفى ربك وانتصاب نصيرا وهاديا على الحال أو التمييز : أي يهدي عباده إلى مصالح الدين والدنيا وينصرهم على الأعداء
٣٢ - ﴿ وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ﴾ هذا من جملة اقتراحاتهم وتعنتاتهم : أي هلا نزل الله علينا هذا القرآن دفعة واحدة غير منجم واختلف في قائل هذه المقالة فقيل كفار قريش وقيل اليهود قالوا : هلا أتيتنا بالقرآن جملة واحدة كما أنزلت التوراة والإنجيل والزبور ؟ وهذا زعم باطل ودعوى داحضة فإن هذه الكتب نزلت مفرقة كما نزل القرآن ولكنهم معاندون أو جاهلون لا يدرون بكيفية نزول كتب الله سبحانه على أنبيائه ثم رد الله سبحانه عليهم فقال :﴿ كذلك لنثبت به فؤادك ﴾ أي نزلنا القرآن كذلك مفرقا والكاف في محل نصب على أنها نعت مصدر محذوف وذلك إشارة إلى ما يفهم من كلامهم : أي مثل ذلك التنزيل المفرق الذي قدحوا فيه واقترحوا خلافه نزلناه لنقوي بهذا التنزيل على هذه الصفة فؤادك فإن إنزاله مفرقا منجما على حسب الحوادث أقرب إلى حفظك له وفهمك لمعانيه وذلك من أعظم أسباب التثبيت واللام متعلقة بالفعل المحذوف الذي قدرناه وقال أبو حاتم : إن الأخفش قال : إنها جواب قسم محذوف قال : وهذا قول مرجوح وقرأ عبد الله ليثبت بالتحتية : أي الله سبحانه وقيل إن هذه الكلمة : أعني كذلك ثم يبتدأ بقوله :﴿ لنثبت به فؤادك ﴾ على معنى أنزلناه عليك متفرقا لهذا الغرض قال ابن الأنباري : وهذا أجود وأحسن قال النحاس : وكان ذلك : أي إنزال القرآن منجما من أعلام النبوة لأنهم لا يسألونه عن شيء إلا أجيبوا عنه وهذا لا يكون إلا من نبي فكان ذلك تثبيتا لفؤاده وأفئدتهم ﴿ ورتلناه ترتيلا ﴾ هذا معطوف على الفعل المقدر : أي كذلك نزلناه ورتلناه ترتيلا ومعنى الترتيل : أن يكون آية بعد آية قال النخعي والحسن وقتادة وقيل : إن المعنى بيناه تبيينا حكي هذا عن ابن عباس وقال مجاهد : بعضه في إثر بعض وقال السدي : فصلناه تفصيلا قال ابن الأعرابي : ما أعلم الترتيل إلا التحقيق والتبيين ثم ذكر سبحانه أنهم محجوجون في كل أوان مدفوع قولهم بكل وجه وعلى كل حالة