قوله : ٦٨ - ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ﴾ لما فرغ من ذكر إتيانهم بالطاعات شرع في بيان اجتنابهم للمعاصي فقال : والذين لا يدعون مع الله سبحانه ربا من الأرباب والمعنى : لا يشركون به شيئا بل يوحدونه ويخلصون له العبادة والدعوة ﴿ ولا يقتلون النفس التي حرم الله ﴾ أي حرم قتلها ﴿ إلا بالحق ﴾ أي بما يحق أن تقتل به النفوس من كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس ﴿ ولا يزنون ﴾ أي يستحلون الفروج المحرمة بغير نكاح ولا ملك يمين ﴿ ومن يفعل ذلك ﴾ أي شيئا مما ذكر ﴿ يلق ﴾ في الآخرة ﴿ أثاما ﴾ والأثام في كلام العرب العقاب قال الفراء : آثمه الله يؤثمه أثاما وآثاما : أي جازاه جزاء الإثم وقال عكرمة ومجاهد : إن أثاما واد في جهنم جعله الله عقابا للكفرة وقال السدي : جبل فيها وقرىء يليق بضم الياء وتشديد القاف قال أبو مسلم : والأثام والإثم واحد والمراد هنا جزاء الآثام فأطلق اسم الشيء على جزائه
وقرأ الحسن يلق أياما جمع يوم : يعني شدائد والعرب تعبر عن ذلك بالأيام وما أظن هذه القراءة تصح عنه ٦٩ - ﴿ يضاعف له العذاب ﴾ قرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي ﴿ يضاعف ﴾ ﴿ ويخلد ﴾ بالجزم وقرأ ابن كثير ﴿ يضاعف ﴾ بتشديد العين وطرح الألف والجزم وقرأ طلحة بن سليمان نضعف بضم النون وكسر العين المشددة والجزم وهي قراءة أبي جعفر وشيبة وقرأ عاصم في رواية أبي بكر بالرفع في الفعلين على الاستئناف وقرأ طلحة بن سليمان وتخلد بالفوقية خطابا للكافر وروي عن أبي عمر أنه قرأ ويخلد بضم الياء التحتية وفتح اللام قال أبو علي الفارسي وهي غلط من جهة الرواية ووجه الجزم في يضاعف أنه بدل من يلق لاتحادهما في المعنى ومثله قول الشاعر :

( إن علي الله أن تبايعا تؤخذ كرها أو تجيء طائعا )
والضمير في قوله :﴿ يخلد فيه ﴾ راجع إلى العذاب المضاعف : أي يخلد في العذاب المضاعف ﴿ مهانا ﴾ ذليلا حقيرا


الصفحة التالية
Icon