١٤ - ﴿ ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ﴾ الذنب هو قتله للقبطي وسماه ذنبا بحسب زعمهم : فخاف موسى أن يقتلوه به وفيه دليل على أن الخوف قد يحصل مع الأنبياء فضلا عن الفضلاء ثم أجابه سبحانه بما يشتمل على نواع من الردع وطرف من الزجر
١٥ - ﴿ قال كلا فاذهبا بآياتنا ﴾ وفي ضمن هذا الجواب إجابة موسى إلى ما طلبه من ضم أخيه إليه كما يدل عليه توجيه الخطاب إليهما كأنه قال : ارتدع يا موسى عن ذلك واذهب أنت ومن استدعيته ولا تخف من القبط ﴿ إنا معكم مستمعون ﴾ وفي هذا تعليل للردع عن الخوف وهو كقوله سبحانه :﴿ إنني معكما أسمع وأرى ﴾ وأراد بذكل سبحانه تقوية قلوبهما وأنه متول لحفظهما وكلاءتهما وأجراهما مجرى الجمع فقال معكم لكن الاثنين أقل الجمع على ما ذهب إليه بعض الأئمة أو لكونه أراد موسى وهارون ومن أرسلا إليه ويجوز أن يكون المراد هما مع بني إسرائيل ومعكم ومستمعون خبران لأن أو الخبر مستمعون ومعكم متعلق به ولا يخفى ما في المعية من المجاز : لأن المصاحبة من صفات الأجسام فالمراد معية النصرة والمعونة
١٦ - ﴿ فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين ﴾ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ووحد الرسول هنا ولم يثنه كما في قوله :﴿ إنا رسولا ربك ﴾ لأنه مصدر بمعنى رسالة والمصدر يوحد وأما إذا كان بمعنى المرسل فإنه يثنى مع المثنى ويجمع مع الجمع قال أبو عبيدة : رسول بمعنى رسالة والتقدير على هذا : إنا ذوا رسالة رب العالمين ومنه قول الشاعر :

( ألا أبلغ أبا عمرو رسولا فإني عن قتاحتكم غني )
أي رسالة وقال العباس بن مرداس :
( ألا من مبلغ عني خفافا رسولا بيت أهلك منتهاها )
أي رسالة قال أبو عبيدة أيضا ويجوز أن يكون الرسول بمعنى الاثنين والجمع تقول العرب : هذا رسولي ووكيلي وهذان رسولي ووكيلي وهؤلاء رسولي ووكيلي ومنه قوله تعالى :﴿ فإنهم عدو لي ﴾ وقيل معناه : إن كل واحد منا رسول رب العالمين وقيل إنهما لما كانا متعاضدين ومتساندين في الرسالة كانا بمنزلة رسول واحد


الصفحة التالية
Icon