٦٢ -﴿ قال كلا إن معي ربي سيهدين ﴾ قال موسى هذه المقالة زجرا لهم وردعا والمعنى : أنهم لا يدركونكم وذكرهم وعد الله بالهداية والظفر والمعنى : إن معي ربي بالنصر والهداية سيهدين : أي يدلني على طريق النجاة فلما عظم البلاء على بني إسرائيل ورأوا من الجيوش ما لا طاقة لهم به وأمر الله سبحانه موسى أن يضرب البحر بعصاه
وذلك قوله : ٦٣ - ﴿ فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر ﴾ لما قال موسى :﴿ إن معي ربي سيهدين ﴾ بين الله سبحانه له طريق الهداية فأمره بضرب البحر وبه نجا بنو إسرائيل وهلك عدوهم والفاء في ﴿ فانفلق ﴾ فصيحة : أي فضرب فانفلق فصار اثنى عشر فلقا بعدد الأسباط وقام الماء عن يمين الطريق وعن يساره كالجبل العظيم وهو معنى قوله :﴿ فكان كل فرق كالطود العظيم ﴾ والفرق القطعة من البحر وقرئ فلق بلام بدل الراء والطود الجبل قال امرؤ القيس :
( فبينا المرء في الأحياء طود
رماه الناس عن كثب فمالا )
وقال الأسود بن يعفر :
( حلوا بأنقرة يسيل عليهم
ماء الفرات يجيء من أطواد )
٦٤ -﴿ وأزلفنا ثم الآخرين ﴾ أي قربناهم إلى البحر : يعني فرعون وقومه قال الشاعر :
( وكل يوم مضى أو ليلة سلفت
فيها النفوس إلى الآجال تزدلف )
قال أبو عبيدة : أزلفنا جمعنا ومنه قيل لليلة المزدلفة ليلة جمع وثم ظرف مكان للبعيد وقيل إن المعنى : وأزلفنا قربنا من النجاة والمراد بالآخرين موسى وأصحابه والأول أولى وقرأ الحسن وأبو حيوة وزلفنا ثلاثيا وقرأ أبي وابن عباس وعبد الله بن الحارث وأزلقنا بالقاف : أي أزللنا وأهلكنا من قولهم : أزلقت الفرس إذا ألقت ولدها
الصفحة التالية