ومراده بقوله : ٨١ - ﴿ ثم يحيين ﴾ البعث وحذف الياء من هذه الأفعال لكونها رؤوس الآي وقرأ ابن أبي إسحاق هذه الأفعال كلها بإثبات الياء
وإنما قال عليه الصلاة و السلام ٨٢ - ﴿ والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ﴾ هضما لنفسه وقيل إن الطمع هنا مبعنى اليقين في حقه وبمعنى الرجاء في حق سواه وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق خطاياي قالا : ليست خطيئته واحدة قال النحاس : خطيئة بمعنى خطايا في كلام العرب قال مجاهد : يعني بخطيئته قوله :﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وقوله :﴿ إني سقيم ﴾ وقوله : إن سارة أخته زاد الحسن : وقوله للكوكب :﴿ هذا ربي ﴾ وحكى الواحدي عن المفسرين أنهم فسروا الخطايا بما فسرها به مجاهد قال الزجاج : الأنبياء بشر ويجوز أن تقع عليهم الخطيئة إلا أنهم لا تكون منهم الكبيرة لأنهم معصومون والمراد بيوم الدين يوم الجزاء للعباد بأعمالهم ولا يخفى أن تفسير الخطايا بما ذكره مجاهد ومن معه ضعيف فإن تلك معاريض وهي أيضا إنما صدرت عنه بعد هذه المقاولة الجارية بينه وبين قومه ثم لما فرغ الخليل من الثناء على ربه والاعتراف بنعمه عقبه بالدعاء ليقتدي به غيره في ذلك
فقال : ٨٣ - ﴿ رب هب لي حكما ﴾ والمراد بالحكم العلم والفهم وقيل النبوة والرسالة وقيل المعرفة بحدود الله وأحكامه إلى آخره ﴿ وألحقني بالصالحين ﴾ يعني بالنبيين من قبلي وقيل بأهل الجنة
٨٤ - ﴿ واجعل لي لسان صدق في الآخرين ﴾ أي اجعل لي ثناء حسنا في الآخرين الذين يأتون بعدي إلى يوم القيامة قال القتيبي : وضع اللسان موضع القول على الاستعارة لأن القول يكون به وقد تكني العرب بها عن الكلمة ومنه قول الأعشى :
( إني أتتني لسان لا أسر بها )
وقد أعطى الله سبحانه إبراهيم ذلك بقوله :﴿ تركنا عليه في الآخرين ﴾ فإن كل أمة تتمسك به وتعظمه وقال مكي : قيل معنى سؤاله أن يكون من ذريته في آخر الزمان من يقوم بالحق فأجيبت دعوته في محمد صلى الله عليه و سلم ولا وجه لهذا التخصيص وقال القشيري : اراد الدعاء الحسن إلى قيام الساعة ولا وجه لهذا أيضا فإن لسان الصدق أعم من ذلك
٨٥ - ﴿ واجعلني من ورثة جنة النعيم ﴾ من ورثة يحتمل أن يكون مفعولا ثانيا وأن يكون صفة لمحذوف هو المفعول الثاني : أي وارثا من ورثة جنة النعيم لما طلب عليه السلام بالدعوة الأولى سعادة الدنيا طلب بهذه الدعوة سعادة الآخرة وهي جنة النعيم وجعلها مما يورث تشبيها لغنيمة الآخرة بغنيمة الدنيا وقد تقدم معنى الوراثة في سورة مريم


الصفحة التالية
Icon