قوله : ١٠٥ - ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾ أنث الفعل لكونه مسندا إلى قوم وهو في معنى الجماعة أو الأمة أو القبيلة وأوقع التكذيب على المرسلين وهم لم يكذبوا إلا الرسول المرسل إليهم لأن من كذب رسولا فقد كذب الرسل لأن كل رسول يأمر بتصديق غيره من الرسل وقيل كذبوا نوحا في الرسالة وكذبوه فيما أخبرهم به من مجيء المرسلين بعده
١٠٦ - ﴿ إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾ أي أخوهم من أبيهم لا أخوهم في الدين وقيل هي أخوة المجانسة وقيل هو من قول العرب : يا أخا بني تميم يريدون واحدا منهم ﴿ ألا تتقون ﴾ أي ألا تتقون الله بترك عبادة الأصنام وتجيبون رسوله الذي أرسله إليكم
١٠٧ - ﴿ إني لكم رسول أمين ﴾ أي إني لكم رسول من الله أمين فيما أبلغكم عنه وقيل أمين فيما بينكم فإنهم كانوا قد عرفوا أمانته وصدقه
١٠٨ - ﴿ فاتقوا الله وأطيعون ﴾ أي اجعلوا طاعة الله وقاية لكم من عذابه وأطيعون فيما آمركم به عن الله من الإيمان به وترك الشرك والقيام بفرائض الدين
١٠٩ - ﴿ وما أسألكم عليه من أجر ﴾ أي ما أطلب منكم أجرا على تبليغ الرسالة ولا أطمع في ذلك منكم ﴿ إن أجري ﴾ الذي أطلبه وأريده ﴿ إلا على رب العالمين ﴾ أي على ما أجري إلا عليه
وكرر قوله : ١١٠ - ﴿ فاتقوا الله وأطيعون ﴾ للتأكيد والتقرير في النفوس مع كونه علق كل واحد منهم بسبب وهو الأمانة في الأول وقطع الطمع في الثاني ونظيره قولك : ألا تتقي الله في عقوقي وقد ربيتك صغيرا ألا تتقي الله في عقوقي وقد علمتك كبيرا وقد تقدم الآمر بتقوى الله على الأمر بطاعته لأن تقوى الله علة لطاعته
١١١ - ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾ وهم جمع أرذل وجمع التكسير أرذال والأنثى رذلى وهم الأقلون جاها ومالا والرذاله الخسة والذلة استرذلوهم لقلة أموالهم وجاههم أو لا تضاع أنسابهم وقيل كانوا من أهل الصناعات الخسيسة وقد تقدم تفسير هذه الآيات في هود وقرأ ابن مسعود والضحاك ويعقوب الحضرمي ﴿ واتبعك الأرذلون ﴾ قال النحاس : وهي قراءة حسنة لأن هذه الواو تتبعها الأسماء كثيرا وأتباع جمع تابع فأجابهم نوح بقوله :﴿ وما علمي بما كانوا يعملون ﴾ كان زائدة والمعنى : وما علمين بعلمهم : أي لم أكلف العلم بأعمالهم إنما كلفت أن أدعوعم إلى الإيمان والاعتبار به لا بالحرف والصنائع والفقر والغنى وكأنهم أشاروا بقولهم :﴿ واتبعك الأرذلون ﴾ إلى أن إيمانهم لم يكن عن نظر صحيح فأجابهم بهذا وقيل المعنى : إني لم أعلم أن الله سيهديهم ويضلكم
١١٢ - ﴿ قال وما علمي بما كانوا يعملون ﴾
١١٣ - ﴿ إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون ﴾ أي ما حسابهم والتفتيش عن ضمائرهم وأعمالهم إلا على الله لو كنتم من أهل الشعور والفهم قرأ الجمهور ﴿ تشعرون ﴾ بالفوقية وقرأ ابن أبي عبلة وابن السميفع والأعرج وأبو زرعة بالتحتية كأنه ترك الخطاب للكفار والتفت إلى الإخبار عنهم قال الزجاج : والصناعات لا تضر في باب الديانات