٢١٨ - ﴿ الذي يراك حين تقوم ﴾ أي حين تقوم إلى الصلاة وحدك في قول أكثر المفسرين وقال مجاهد : حين تقوم حيثما كنت
٢١٩ - ﴿ وتقلبك في الساجدين ﴾ أي ويراك إن صليت في الجماعة راكعا وساجدا وقائما كذا قال أكثر المفسرين وقيل يراك في الموحدين من نبي إلى نبي حتى أخرجك في هذه الأمة وقيل المراد بقوله يراك حين تقوم قيامة إلى التهجد وقوله :﴿ وتقلبك في الساجدين ﴾ يريد ترددك في تصفح أحوال المجتهدين في العبادة وتقلب بصرك فيهم كذا قال مجاهد
٢٢٠ - ﴿ إنه هو السميع ﴾ لما تقوله ﴿ العليم ﴾ به ثم أكد سبحانه معنى قوله :﴿ وما تنزلت به الشياطين ﴾ وبينه
٢٢١ - ﴿ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ﴾ أي على من تتنزل فحذف إحدى التاءين وفيه بيان استحالة تنزل الشياطين على رسول الله صلى الله عليه و سلم
٢٢٢ - ﴿ تنزل على كل أفاك أثيم ﴾ والأفاك الكثير الإفك والأثيم كثير الإثم والمراد بهم كل من كان كاهنا فإن الشياطين كانت تسترق السمع ثم يأتون إليهم فيلقونه إليهم
وهو معنى قوله : ٢٢٣ - ﴿ يلقون السمع ﴾ أي ما يسمعونه مما يسترقونه فتكون جملة يلقون السمع على هذا راجعة إلى الشياطين في محل نصب على الحال : أي حال كون الشياطين ملقين السمع : أي ما يسمعونه من الملأ الأعلى إلى الكهان ويجوز أن يكون المعنى : إن الشياطين يلقون السمع : أي ينصتون إلى الملإ الأعلى ليسترقوا السمع ويجوز أن تكون جملة يلقون السمع راجعة إلى كل أفاك أثيم على أنها صفة أو مستأنفة ومعنى الإلقاء أنهم يسمعون ما تلقيه إليهم الشياطين من الكلمات التي تصدق الواحدة منها وتكذب المائة الكلمة كما ورد في الحديث وجملة ﴿ وأكثرهم كاذبون ﴾ راجعة إلى كل أفاك أثيم : أي وأكثر هؤلاء الكهنة كاذبون فيما يتلقونه من الشياطين لأنهم يضمون إلى ما يسمعونه كثيرا من أكاذيبهم المختلفة أو أكثرهم كاذبون فيما يلقونه من السمع : أي المسموع من الشياطين إلى الناس ويجوز أن تكون جملة ﴿ وأكثرهم كاذبون ﴾ راجعة إلى الشياطين : أي وأكثر الشياطين كاذبون فيما يلقونه إلى الكهنة مما يسمعونه فإنهم يضمون إلى ذلك من عند أنفسهم كثيرا من الكذب وقد قيل كيف يصح على الوجه الأول وصف الأفاكين بأن أكثرهم كاذبون بعد ما وصفوا جميعا بالإفك وأجيب بأن المراد بالأفاك الذي يكثر الكذب لا الذي لا ينطق إلا بالكذب فالمراد بقوله وأكثرهم كاذبون أنه قل من يصدق منهم فيما يحكي عن الشياطين والغرض الذي سبق لأجله هذا الكلام رد ما كان يزعمه المشركون من كون النبي صلى الله عليه و سلم من جملة من يلقي إليه الشيطان السمع من الكهنة ببيان أن الأغلب على الكهنة الكذب ولم يظهر من أحوال محمد صلى الله عليه و سلم إلا الصدق فكيف يكون كما زعموا ثم إن هؤلاء الكهنة يعظمون الشياطين وهذا النبي المرسل من عند الله برسالته إلى الناس يذمهم ويلعنهم ويأمر بالتعوذ منهم : ثم لما كان قد قال قائل من المشركين : إن النبي صلى الله عليه و سلم شاعر بين سبحانه حال الشعراء ومنافاة ما هم عليه لما عليه النبي صلى الله عليه و سلم


الصفحة التالية
Icon