ثم استثنى استثناء منقطعا فقال : ١١ - ﴿ إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم ﴾ أي لكن من أذنب في ظلم نفسه بالمعصية ثم بدل حسنا أي توبة وندما بعد سوء أي بعد عمل سوء فإني غفور رحيم وقيل الاستثناء من مقدر محذوف : أي لا يخاف لدي المرسلون وإنما يخاف غيرهم ممن ظلم إلا من ظلم ثم بدل إلخ كذا قال الفراء قال النحاس : الاستثناء من محذوف محال لأنه استثناء من شيء لم يذكر وروي عن الفراء أنه قال : إلا بمعنى الواو وقيل إن الاستثناء متصل من المذكور لا من المحذوف والمعنى : إلا من ظلم من المرسلين بإتيان الصغائر التي لا يسلم منها أحد واختار هذا النحاس وقال : علم من عصى منهم فاستثناه فقال : إلا من ظلم وإن كنت قد غفرت له كآدم وداود وإخوة يوسف وموسى بقتله القبطي ولا مانع من الخوف بعد المغفرة فإن نبينا صلى الله عليه و سلم الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان يقول :[ وددت أني شجرة تعضد ]
١٢ - ﴿ وأدخل يدك في جيبك ﴾ المراد بالجيب هو المعروف وفي القصص ﴿ اسلك يدك في جيبك ﴾ وفي أدخل من المبالغة ما لم يكن في اسلك ﴿ تخرج بيضاء من غير سوء ﴾ أي من غير برص أو نحوه من الآفات فهو احتراس وقوله تخرج جواب أدخل يدك وقيل في الكلام حذف تقديره : أدخل يدك تدخل وأخرجها تخرج ولا حاجة لهذا الحذف ولا ملجئ إليه قال المفسرون : كانت على موسى مدرعة من صوف لا كم لها ولا إزار فأدخل يده في جيبه وأخرجها فإذا هي تبرق كالبرق وقوله :﴿ في تسع آيات ﴾ قال أبو البقاء : هو في محل نصب على الحال من فاعل تخرج وفيه بعد وقيل متعلق بمحذوف : أي اذهب في تسع آيات وقيل متعلق بقوله : الق عصاك وأدخل يدك في جملة تسع آيات أو مع تسع آيات وقيل المعنى : فهما آيتان من تسع : يعني العصا واليد فتكون الآيات إحدى عشرة : هاتان والفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمسة والجدب في بواديهم والنقصان في مزارعهم قال النحاس : أحسن ما قيل فيه أن هذه الآية يعني اليد داخلة في تسع آيات وكذا قال المهدوي والقشيري قال القشيري : تقول خرجت في عشرة نفر وأنت أحدهم : أي خرجت عاشر عشرة فـ في بمعنى من لقربها منها كما تقول خذ لي عشرا من الإبل فيها فحلان : أي منها قال الأصمعي في قول امرئ القيس :
( وهل ينعمن من كان آخر عهده | ثلاثون شهرا في ثلاثة أحوال ) |