قوله : ٤٥ - ﴿ ولقد أرسلنا ﴾ معطوف على قوله ﴿ ولقد آتينا داود ﴾ واللام هي الموطئة للقسم وهذه القصة من جملة بيان قوله ﴿ وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ﴾ و ﴿ صالحا ﴾ عطف بيان و ﴿ أن اعبدوا الله ﴾ تفسير للرسالة وأن هي المفسرة ويجوز أن تكون مصدرية : أي بأن اعبدوا الله وإذا في ﴿ فإذا هم فريقان ﴾ هي الفجائية : أي ففاجئوا التفرق والاختصام والمراد بالفريقين المؤمنون منهم والكافرون ومعن الاختصام : أن كل فريق يخاصم على ما هو فيه ويزعم أنه الحق معه وقيل إن الخصومة بينهم في صالح هل هو مرسل أم لا ؟ وقيل أحد الفريقين صالح والفريق الآخر جميع قومه وهو ضعيف
٤٦ - ﴿ قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة ﴾ أي قال صالح للفريق الكافر منهم منكرا عليهم : لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة ؟ قال مجاهد : بالعذاب قبل الرحمة والمعنى : لم تؤخرون الإيمان الذي يجلب إليكم الثواب وتقدمون الكفر الذي يجلب إليكم العقوبة ؟ وقد كانوا لفرط كفرهم يقولون : ائتنا يا صالح بالعذاب ﴿ لولا تستغفرون الله ﴾ هلا تستغفرون الله وتتوبون إليه من الشرك ﴿ لعلكم ترحمون ﴾ رجاء أن ترحموا أو كي ترحموا فلا تعذبوا فإن استعجال الخير أولى من استعجال الشر ووصف العذاب بأنه سيئة مجازا إما لأن العقاب من لوازمه أو لأنه يشبهه في كونه مكروها
فكان جوابهم عليه بعد هذا الإرشاد الصحيح والكلام اللين أنهم ٤٧ - ﴿ قالوا اطيرنا بك وبمن معك ﴾ أصله تطيرنا وقد قرئ بذلك والتطير التشاؤم : أي تشاءمنا بك وبمن معك ممن أجابك ودخل في دينك وذلك لأنه أصابهم قحط فتشاءموا بصالح وقد كانت العرب أكثر الناس طيرة وأشقاهم بها وكانوا إذا أرادوا سفرا أو أمرا من الأمور نفروا طائرا من وكره فإن طار يمنة ساروا وفعلوا ما عزموا عليه وإن طار يسرة تركوا ذلك فلما قالوا ذلك ﴿ قال ﴾ لهم صالح ﴿ طائركم عند الله ﴾ أي ليس ذلك بسبب الطائر الذي تتشاءمون به بل سبب ذلك عند الله هو ما يقدره عليكم والمعنى أن الشؤم الذي أصابكم هو من عند الله بسبب كفركم وهذا كقوله تعالى :﴿ يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ﴾ ثم أوضح لهم سبب ما هم فيه بأوضح بيان فقال :﴿ بل أنتم قوم تفتنون ﴾ أي تمتحنون وتختبرون وقيل تعذبون بذنوبكم وقيل يفتنكم غيركم وقيل يفتنكم الشيطان بما تقعون فيه من الطيرة أو بما لأجله تطيرون فأضرب عن ذكر الطائر إلى ما هو السبب الداعي إليه


الصفحة التالية
Icon