٥٦ - ﴿ فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ﴾ قرأ الجمهور بنصب جواب على أنه خبر كان واسمها إلا أن قالوا : أي إلا قولهم وقرأ ابن أبي إسحاق برفع جواب على أنه اسم كان وخبرها ما بعده ثم عللوا ما أمروا به بعضهم بعضا من الإخراج بقولهم : إنهم أناس يتطهرون : أي يتنزهون عن أدبار الرجال : قالوا ذلك استهزاء منهم بهم
﴿ فأنجيناه وأهله ﴾ من العذاب ﴿ إلا امرأته قدرناها من الغابرين ﴾ أي قدرنا أنها من الباقين في العذاب ومعنى قدرنا قضينا قرأ الجمهور ﴿ قدرنا ﴾ بالتشديد وقرأ عاصم بالتخفيف والمعنى واحد مع دلالة زيادة البناء على زيادة المعنى
٥٨ - ﴿ وأمطرنا عليهم مطرا ﴾ هذا التأكيد يدل على شدة المطر وأنه غير معهود ﴿ فساء مطر المنذرين ﴾ المخصوص بالذم محذوف : أي ساء مطر المنذرين مطرهم والمراد بالمنذرين الذين أنذروا فلم يقبلوا وقد مضى بيان هذا كله في الأعراف والشعراء
٥٩ - ﴿ قل الحمد لله وسلام على عباده ﴾ قال الفراء : قال أهل المعاني : قيل للوط قل الحمد لله على هلاكهم وخالفه جماعة فقالوا : إن هذا خطاب نبينا صلى الله عليه و سلم : أي قيل الحمد لله على هلاك كفار الأمم الخالية وسلام على عباده ﴿ الذين اصطفى ﴾ قال النحاس : وهذا أولى لأن القرآن منزل على النبي صلى الله عليه و سلم وكل ما فيه فهو مخاطب به إلا ما لم يصح معناه إلا لغيره قيل والمراد بعباده الذين اصطفى : أمة محمد صلى الله عليه و سلم والأولى حمله على العموم فيدخل في ذلك الأنبياء وأتباعهم ﴿ آلله خير أما يشركون ﴾ أي الله الذي ذكرت أفعاله وصفاته الدالة على عظيم قدرته خير أما يشركون به من الأصنام وهذه الخيرية ليست بمعناها الأصلي بل هي كقول الشاعر :

( أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء )
فيكون ما في الآية من باب التهكم بهم إذ لا خير فيهم أصلا وقد حكى سيبويه أن العرب تقول : السعادة أحب إليك أم الشقاوة ولا خير في الشقاوة أصلا وقيل المعنى : أثواب الله خير أم عقاب ما تشركون به ؟ وقيل : قال لهم ذلك جريا على اعتقادهم لأنهم كانوا يعتقدون أن في عبادة الأصنام خيرا وقيل المراد من هذا الاستفهام الخبر قرأ الجمهور ﴿ تشركون ﴾ بالفوقية على الخطاب وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وقرأ أبو عمرو وعاصم ويعقوب ﴿ يشركون ﴾ بالتحتية و أم في أما يشركون هي المتصلة


الصفحة التالية
Icon