٢٤ - ﴿ سقى لهما ﴾ رحمة لهما : أي سقى أغنامهما لأجلهما ﴿ ثم ﴾ لما فرغ من السقي لهما ﴿ تولى إلى الظل ﴾ أي انصرف إليه فجلس فيه قيل كان هذا الظل ظل سمرة هناك ثم قال لما أصابه من الجهد والتعب مناديا لربه ﴿ إني لما أنزلت إلي من خير ﴾ أي خير كان ﴿ فقير ﴾ أي محتاج إلى ذلك قيل أراد بذلك الطعام واللام في لما أنزلت معناها إلى قال الأخفش : يقال هو فقير له وإليه
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والمحاملي في أماليه من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله :﴿ ولما بلغ أشده ﴾ قال : ثلاثا وثلاثين سنة ﴿ واستوى ﴾ قال : أربعين سنة وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المعمرين من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه قال : الأشد ما بين الثماني عشرة إلى الثلاثين والاستواء ما بين الثلاثين إلى الأربعين فإذا زاد على الأربعين أخذ في النقصان وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عنه أيضا في قوله :﴿ ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها ﴾ قال : نصف النهار وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عنه أيضا في الآية قال : ما بين المغرب والعشاء وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا ﴿ هذا من شيعته ﴾ قال : إسرائيلي ﴿ وهذا من عدوه ﴾ قال : قبطي ﴿ فاستغاثه الذي من شيعته ﴾ الإسرائيلي ﴿ على الذي من عدوه ﴾ القبطي ﴿ فوكزه موسى فقضى عليه ﴾ قال : فمات قال فكبر ذلك على موسى وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :﴿ فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه ﴾ قال : هو صاحب موسى الذي استنصره بالأمس وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الذي استنصره هو الذي استصرخه وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال : من قتل رجلين فهو جبار ثم تلا هذه الآية ﴿ إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض ﴾ وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال : من قتل رجلين فهو جبار ثم تلا هذه الآية ﴿ إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض ﴾ وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لا يكون الرجل جبارا حتى يقتل نفسين وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : خرج موسى خائفا يترقب جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين و ﴿ عليه أمة من الناس يسقون ﴾ وامرأتان جالستان بشياههما فسألهما ﴿ ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير ﴾ قال : فهل قربكما ماء ؟ قالتا لا إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال : فانطلقتا فأريانيها فانطلقتا معه فقال بالصخرة بيده فنحاها ثم استقى لهما سجلا واحدا فسقى الغنم ثم أعاد الصخرة إلى مكانها ﴿ ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ﴾ فسمعتا قال : فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما فسألهما فأخبرتاه فقال لإحداهما : انطلقي فادعيه فأتت فـ ﴿ قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ﴾ فمشت بين يديه فقال لها امشي خلفي فإني امرؤ من عنصر إبراهيم لا حيل لي أن أرى منك ما حرم الله علي وأرشدني الطريق ﴿ فلما جاءه وقص عليه القصص قال : لا تخف نجوت من القوم الظالمين ﴾ ﴿ قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ﴾ قال لها أبوها : ما رأيت من قوته وأمانته ؟ فأخبرته بالأمر الذي كان قالت : أما قوته فإنه قلب الحجر وحده وكان لا يقلبه إلا النفر وأما أمانته فقال امشي خلفي وأرشديني الطريق لأني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي منك ما حرمه الله قيل لابن عباس : أي الأجلين قضى موسى قال : أبرهما وأوفاهما وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب قال : إن موسى لما ورد ماء مدين وجد عليه فإذا هو بامرأتين قال : ما خطبكما ؟ فحدثتاه فأتى الحجر فرفعه وحده ثم استقى فلم يستق إلا ذنوبا واحدا حتى رويت الغنم فرجعت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه وتولى موسى إلى الظل ﴿ فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ﴾ قال :﴿ فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ﴾ واضعة ثوبها على وجهها ليست بسلفع من النساء خراجة ولاجة ﴿ قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ﴾ فقام معها موسى فقال لها : امشي خلفي وانعتي لي الطريق فإني أكره أن يصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت إحداهما : يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين قال : يا بنية ما علمك بأمانته وقوته ؟ قالت : أما قوته فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال لها : امشي خلفي وانعتي لي الطريق فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك فلما انتهى إلى أبيها قص عليها فقالت إحداهما : يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين قال : يا بنية ما علمك بأمانته وقوته ؟ قالت : أما قوته فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال امشي خلفي وانعتي لي الطريق فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك فزاده ذلك رغبة فيه فـ ﴿ قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين ﴾ إلى قوله :﴿ ستجدني إن شاء الله من الصالحين ﴾ أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت ﴿ قال ﴾ موسى ﴿ ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي ﴾ قال نعم قال :﴿ والله على ما نقول وكيل ﴾ فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل في رعاية غنمه وما يحتاج إليه وزوجه صفورا وأختها شرفا وهما اللتان كانتا تذودان قال ابن كثير بعد إخراجه لطرق من هذا الحديث : إن إسناده صحيح والسلفع من النساء الجريئة السليطة وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ولما ورد ماء مدين ﴾ قال : ورد الماء حيث ورد وإنه لتتراءى خضرة البقل في بطنه من الهزال وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال : خرج موسى من مصر إلى مدين وبينه وبينها ثمان ليال ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر وخرج حافيا فما وصل إليها حتى وقع خف قدمه وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه أيضا قال :﴿ تذودان ﴾ تحبسان غنمهما حتى ينزع الناس ويخلو لهما البئر وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عنه أيضا : قال : لقد قال موسى رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير وهو أكرم خلقه عليه ولقد افتقر إلى شق تمرة ولقد لصق بطنه بظهره من شدة الجوع وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا قال : ما سأل إلا الطعام وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عنه أيضا قال : سأل فلقا من الخبز يشد بها صلبه من الجوع