٤ - ﴿ في بضع سنين ﴾ متعلق بما قبله وقد تقدم تفسير البضع واشتقاقه في سورة يوسف والمراد به هنا ما بين الثلاثة إلى العشرة ﴿ لله الأمر من قبل ومن بعد ﴾ أي هو المنفرد بالقدرة وإنقاذ الأحكام وقت مغلوبيتهم ووقت غالبيتهم فكل ذلك بأمر الله سبحانه وقضائه قرأ الجمهور من قبل ومن بعد بضمهما لكونهما مقطوعين عن الإضافة والتقدير : من قبل الغلب ومن بعده أو من قبل كل أمر ومن بعده وحكى الكسائي من قبل ومن بعد بكسر الأول منونا وضم الثاني بلا تنوين وحكى الفراء من قبل ومن بعد بكسرهما من غير تنوين وغلطه النحاس قال شهاب الدين : قد قرئ بكسرهما منونين قال الزجاج : ومعنى الآية : من متقدم ومن متأخر ﴿ ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ﴾ أي يوم أن تغلب الروم على فارس في بضع سنين يفرح المؤمنون بنصر الله للروم لكونهم أهل كتاب كما أن المسلمين أهل كتاب بخلاف فارس فإنه لا كتاب لهم ولهذا سر المشركون بنصرهم على الروم وقيل نصر الله هو إظهار صدق المؤمنين فيما أخبروا به المشركين من غلبة الروم على فارس والأول أولى قال الزجاج : هذه الآية من الآيات التي تدل على أن القرآن من عند الله لأنه إنباء بما سيكون وهذا لا يعلمه إلا الله سبحانه
٥ - ﴿ ينصر من يشاء ﴾ أن ينصره ﴿ وهو العزيز ﴾ الغالب القاهر ﴿ الرحيم ﴾ الكثير الرحمة لعباده المؤمنين وقيل المراد بالرحمة هنا : الدنيوية وهي شاملة للمسلم والكافر
٦ - ﴿ وعد الله لا يخلف الله وعده ﴾ أي وعد الله وعدا لا يخلفه وهو ظهور الروم على فارس ﴿ ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾ أن الله لا يخلف وعده وهم الكفار وقيل كفار مكة على الخصوص
٧ - ﴿ يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ﴾ أي يعلمون ظاهر ما يشاهدونه من زخارف الدنيا وملاذها وأمر معاشهم وأسباب تحصيل فوائدهم الدنيوية وقيل هو ما تلقيه الشياطين إليهم من أمور الدنيا عند استراقهم السمع وقيل الظاهر الباطل ﴿ وهم عن الآخرة ﴾ التي هي النعمة الدائمة واللذة الخالصة ﴿ هم غافلون ﴾ لا يلتفتون إليها ولا يعدون لها ما يحتاج إليه أو غافلة عن الإيمان بها والتصديق بمجيئها