٣٦ - ﴿ وإذا أذقنا الناس رحمة ﴾ أي خصبا ونعمة وسعة وعافية ﴿ فرحوا بها ﴾ فرح بطر وأشر لا فرح شكر بها وابتهاج بوصولها إليهم ﴿ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ﴾ ثم قال سبحانه :﴿ وإن تصبهم سيئة ﴾ شدة على أي صفة ﴿ بما قدمت أيديهم ﴾ أي بسبب ذنوبهم ﴿ إذا هم يقنطون ﴾ القنوط الإياس من الرحمة كذا قال الجمهور وقال الحسن : القنوط ترك فرائض الله سبحانه قرأ الجمهور ﴿ يقنطون ﴾ بضم النون وقرأ أبو عمرو والكسائي ويعقوب بكسرها ﴿ يقنطون ﴾
٣٧ - ﴿ أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ﴾ من عباده ويوسع له ﴿ ويقدر ﴾ أي يضيق على من يشاء لمصلحة في التوسيع لمن وسع له وفي التضييق على من ضيق عليه ﴿ إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ﴾ فيستدلون على الحق لدلالتها على كمال القدرة وبديع الصنع وغريب الخلق
وقد أخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان يلبي أهل الشرك لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك فأنزل الله ﴿ هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء ﴾ الآية وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال هي في الآلهة وفيه يقول : تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :﴿ لا تبديل لخلق الله ﴾ قال : دين الله ﴿ ذلك الدين القيم ﴾ قال : القضاء القيم وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن الأسود بن سريع [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث سرية إلى خيبر فقاتلوا المشركين فانتهى القتل إلى الذرية فلما جاءوا قال النبي صلى الله عليه و سلم : ما حملكم على قتل الذرية ؟ قالوا : يا رسول الله إنما كانوا أولاد المشركين قال : وهل خياركم إلا أولاد المشركين ؟ والذي نفسي بيده ما من نسمة تولد إلا على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها ] وأخرج أحمد من حديث جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ كل مولود يولد على الفطرة حتى يعبر عنه لسانه فإذا عبر عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا ] رواه أحمد عن الربيع بن أنس عن الحسن عن جابر وقال الإمام أحمد في المسند : حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا هشام حدثنا قتادة عن مطرف عن عياض بن حماد :[ ان رسول الله صلى الله عليه و سلم خطب يوما فقال في خطبته حاكيا عن الله سبحانه : وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فأضلتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم ] الحديث