٥٩ - ﴿ كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ﴾ أي مثل ذلك الطبع يطبع الله على قلوب الفاقدين للعلم النافع الذي يهتدون به إلى الحق وينجون به من الباطل
ثم أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه و سلم بالصبر معللا لذلك بحقية وعد الله وعدم الخلف فيه فقال : ٦٠ - ﴿ فاصبر ﴾ على ما تسمعه منهم من الأذى وتنظره من الأفعال الكفرية فإن الله قد وعدك بالنصر عليهم وإعلاء حجتك وإظهار دعوتك ووعده حق لا خلف فيه ﴿ ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ﴾ أي لا يحملنك على الخفة ويستفزنك عن دينك وما أنت عليه الذين لا يوقنون بالله ولا يصدقون أنبياءه ولا يؤمنون بكتبه والخطاب للنبي صلى الله عليه و سلم يقال استخف فلان فلانا : أي استهدله حتى حمله على اتباعه في الغي قرأ الجمهور يستخفنك بالخاء المعجمة والفاء وقرأ يعقوب وابن أبي إسحاق بحاء مهملة وقاف من الاستحقاق والنهي في الآية من باب : لا أرينك ها هنا
وقد أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :[ ما من مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ثم تلا ﴿ وكان حقا علينا نصر المؤمنين ﴾ ] وهو من طريق شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء وأخرج أبو يعلى وابن المنذر عنه في قوله :﴿ ويجعله كسفا ﴾ قال : قطعا بعضها فوق بعض ﴿ فترى الودق ﴾ قال : المطر ﴿ يخرج من خلاله ﴾ قال : من بينه وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية ﴿ إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء ﴾ في دعاء النبي صلى الله عليه و سلم لأهل بدر والإسناد ضعيف والمشهور في الصحيحين وغيرهما أن عائشة استدلت بهذه الآية على رد رواية من روى من الصحابة أن النبي صلى الله عليه و سلم نادى أهل قليب بدر وهو من الاستدلال بالعام على رد الخاص فقد [ قال النبي صلى الله عليه و سلم لما قيل له : إنك تنادي أجسادا بالية ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ] وفي مسلم من حديث أنس [ أن عمر بن الخطاب لما سمع النبي صلى الله عليه و سلم يناديهم فقال : يا رسول الله تناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون ؟ يقول الله إنك لا تسمع الموتى فقال : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يطيقون أن يجيبوا ]


الصفحة التالية
Icon