والإشارة بقوله : ٦ - ﴿ ذلك ﴾ إلى الله سبحانه باعتبار اتصافه بتلك الأوصاف وهو مبتدأ وخبره ﴿ عالم الغيب والشهادة ﴾ أي العالم بما غاب عن الخلق وما حضرهم وفي هذا معنى التهديد لأنه سبحانه إذا علم بما يغيب وما يحضر فهو مجاز لكل عامل بعمله أو فهو يدبر الأمر بما تقتضيه حكمته ﴿ العزيز ﴾ القاهر الغالب ﴿ الرحيم ﴾ بعباده وهذه أخبار لذلك المبتدأ
وكذلك قوله : ٧ - ﴿ الذي أحسن كل شيء خلقه ﴾ هو خبر آخر قرأ الجمهور ﴿ خلقه ﴾ بفتح اللام وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بإسكانها فعلى القراءة الأولى هو فعل ماض نعتا لشيء فهو في محل جر وقد اختار قراءة الجمهور أبو عبيدة وأبو حاتم ويجوز أن تكون صفة للمضاف فيكون في محل نصب وأما على القراءة الثانية ففي نصبه أوجه : الأول أن يكون بدلا من كل شيء بدل اشتمال والضمير عائد إلى كل شيء وهذا هو الوجه المشهور عند النحاة الثاني أنه بدل كل من كل والضمير راجع إلى الله سبحانه ومعنى أحسن : حسن لأنه ما من شيء إلا وهو مخلوق على ما تقتضيه الحكمة فكل المخلوقات حسنة الثالث أن يكون كل شيء هو المفعول الأول وخلقه هو المفعول الثاني على تضمين أحسن معنى أعطى والمعنى : أعطى كل شيء خلقه الذي خصه به وقيل على تضمينه معنى ألهم قال الفراء : ألهم خلقه كل شيء مما يحتاجون إليه الرابع أنه منصوب على المصدر المؤكد لمضمون الجملة : أي خلقه خلقا كقوله :﴿ صنع الله ﴾ وهذا قول سيبويه والضمير يعود إلى الله سبحانه والخامس أنه منصوب بنزع الخافض والمعنى أحسن كل شيء في خلقه ومعنى الآية : أنه أتقن وأحكم خلق مخلوقاته فبعض المخلوقات وإن لم تكن حسنة في نفسها فهي متقنة محكمة فتكون هذه الآية معناها معنى ﴿ أعطى كل شيء خلقه ﴾ أي لم يخلق الإنسان على خلق البهيمة ولا خلق البهيمة على خلق الإنسان وقيل هو عموم في اللفظ خصوص في المعنى : أي أحسن خلق كل شيء حسن ﴿ وبدأ خلق الإنسان من طين ﴾ يعني آدم خلقه من طين فصار على صورة بديعة وشكل حسن
٨ - ﴿ جعل نسله ﴾ أي ذريته ﴿ من سلالة ﴾ سميت الذرية سلالة لأنها تسل من الأصل وتنفصل عنه وقد تقدم تفسيرها في سورة المؤمنين ومعنى ﴿ من ماء مهين ﴾ من ماء ممتهن لا خطر فه عند الناس وهو المني وقال الزجاج : من ماء ضعيف


الصفحة التالية
Icon