١٦ - ﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع ﴾ أي ترتفع وتنبو يقال : جفا الشيء عن الشيء وتجافى عنه : إذا لم يلزمه ونبا عنه والمضاجع جمع المضجع وهو الموضع الذي يضطجع فيه قال الزجاج والرماني : التجافي والتجفي إلى جهة فوق وكذلك هو في الصفح عن المخطئ في سب ونحوه والجنوب جمع جنب والجملة في محل نصب على الحال : أي متجافية جنوبهم عن مضاجعهم وهم المتهجدون في الليل الذين يقومون للصلاة عن الفراش وبه قال الحسن ومجاهد وعطاء والجمهور والمراد بالصلاة صلاة التنفل بالليل من غير تقييد وقال قتادة وعكرمة : هو التنفل ما بين المغرب والعشاء وقيل صلاة العشاء فقط وهو رواية عن الحسن وعطاء وقال الضحاك : صلاة العشاء والصبح في جماعة وقيل هم الذين يقومون لذكر الله سواء كان في صلاة أو غيرها ﴿ يدعون ربهم خوفا وطمعا ﴾ هذه الجملة في محل نصب على الحال أيضا من الضمير الذي في جنوبهم فهي حال بعد حال ويجوز أن تكون الجملة الأولى مستأنفة لبيان نوع من أنواع طاعاتهم والمعنى : تتجافى جنوبهم حال كونهم داعين ربهم خوفا من عذابه وطمعا في رحمته ﴿ ومما رزقناهم ينفقون ﴾ أي من الذي رزقناهم أو من رزقهم وذلك الصدقة الواجبة وقيل صدقة النفل والأولى الحمل على العموم وانتصاب خوفا وطمعا على العلة ويجوز أن يكون مصدرين منتصبين بمقدر
١٧ - ﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ﴾ النكرة في سياق النفي تفيد العموم : أي لا تعلم نفس من النفوس أي نفس كانت ما أخفاه لله سبحانه لأولئك الذين تقدم ذكرهم مما تقر به أعينهم قرأ الجمهور ﴿ قرة ﴾ بالإفراد وقرأ ابن مسعود وأبو هريرة وأبو الدرداء من قرات بالجمع وقرأ حمزة ﴿ ما أخفي ﴾ بسكون الياء على أنه فعل مضارع مسند إلى الله سبحانه وقرأ الباقون بفتحها فعلا ماضيا مبنيا للمفعول وقرأ ابن مسعود ما نخفي بالنون مضمومة وقرأ الأعمش يخفي بالتحتية مضمومة قال الزجاج في معنى قراءة حمزة : أي منه ما أخفى الله لهم وهي قراءة محمد بن كعب و ما في موضع نصب ثم بين سبحانه أن ذلك بسبب أعمالهم الصالحة فقال :﴿ جزاء بما كانوا يعملون ﴾ أي لأجل الجزاء بما كانوا يعملونه في الدنيا أو جوزوا جزاء بذلك
١٨ - ﴿ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ﴾ الاستفهام للإنكار : أي ليس المؤمن كالفاسق فقد ظهر ما بينهما من التفاوت ولهذا قال :﴿ لا يستوون ﴾ ففيه زيادة تصريف لما أفاده الإنكار الذي أفاده الاستفهام قال الزجاج : جعل الاثنين جماعة حيث قال :﴿ لا يستوون ﴾ لأجل معنى من وقيل : لكون الاثنين أقل الجمع وسيأتي بيان سبب نزولها آخر البحث


الصفحة التالية
Icon