٢٤ - ﴿ وجعلنا منهم أئمة ﴾ أي قادة يقتدون به في دينهم وقرأ الكوفيون أئمة قال النحاس : وهو لحن عند جميع النحويين لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة ومعنى ﴿ يهدون بأمرنا ﴾ أي يدعونهم إلى الهداية بما يلقونه إليه من أحكام التوراة ومواعظها بأمرنا : أي بأمرنا لهم بذلك أو لأجل أمرنا وقال قتادة : المراد بالأئمة الأنبياء منهم وقيل العلماء ﴿ لما صبروا ﴾ قرأ الجمهور ﴿ لما ﴾ بفتح اللام وتشديد الميم : أي جعلناهم أئمة لصبرهم واختار هذه القراءة أبو عبيد مستدلا بقراءة ابن مسعود بما صبروا بالباء وهذا الصبر هو صبرهم على مشاق التكليف والهداية للناس وقيل صبروا عن الدنيا ﴿ وكانوا بآياتنا ﴾ التنزيلية ﴿ يوقنون ﴾ أي يصدقونها ويعلمون أنها حق وأنها من عند الله لمزيد تفكرهم وكثرة تدبرهم
٢٥ - ﴿ إن ربك هو يفصل بينهم ﴾ أي يقضي بينهم ويحكم بين المؤمنين والكفار ﴿ يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ﴾ وقيل يقضي بين الأنبياء وأممهم حكاه النقاش
٢٦ - ﴿ أولم يهد لهم ﴾ أي أو لم يبين لهم والهمزة للإنكار والفاعل ما دل عليه ﴿ كم أهلكنا من قبلهم من القرون ﴾ أي أو لم نبين لهم كثرة إهلاكنا من قبلهم قال الفراء : كم في موضع رفع بيهد وقال المبرد : إن الفاعل الهدى المدلول عليه بيهد : أي أو لم يهد لهم الهدى وقال الزجاج : كم في موضع نصب بأهلكنا قرأ الجمهور أو لم يهد بالتحتية وقرأ السلمي وقتادة وأبو زيد عن يعقوب بالنون وهذه القراءة واضحة قال النحاس : والقراءة بالياء التحتية فيها إشكال لأنه يقال : الفعل لا يخلو من فاعل فأين الفاعل ليهد ؟ ويجاب عنه بأن الفاعل هو ما قدمنا ذكره والمراد بالقرون : عاد وثمود ونحوهم وجملة ﴿ يمشون في مساكنهم ﴾ في محل نصب على الحال من ضمير لهم : أي والحال أنهم يمشون في مساكن المهلكين ويشاهدونها وينظرون ما فيها من العبر وآثار العذاب ولا يعتبرون بذلك وقيل يعود إلى المهلكين والمعنى : أهلكناهم حال كونهم ماشين في مساكنهم والأول أولى ﴿ إن في ذلك ﴾ المذكور ﴿ لآيات ﴾ عظيمات ﴿ أفلا يسمعون ﴾ بها ويتعظون بها
٢٧ - ﴿ أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز ﴾ أي أو لم يعلموا بسوقنا الماء إلى الأرض التي لا تنبت إلا بسوق الماء إليها وقيل هي اليابسة وأصله من الجرز وهو القطع : أي التي قطع نباتها لعدم الماء ولا يقال للتي لا تنبت أصلا كالسباخ جرز لقوله :﴿ فنخرج به زرعا ﴾ قيل هي أرض اليمن وقيل أرض عدن وقال الضحاك : هي الأرض العطشى وقال الفراء : هي الأرض التي لا نبات فيها وقال الأصمعي : هي الأرض التي لا تنبت شيئا قال المبرد : يبعد أن تكون الأرض بعينها لدخول الألف واللام وقيل هي مشتقة من قولهم رجل جروز : إذا كان لا يبقي شيئا إلا أكله ومنه قول الراجز :

( خب جروز وإذا جاع بكى ويأكل التمر ولا يلقي النوى )
وكذلك ناقة جروز : إذا كانت تأكل كل شيء تجده وقال مجاهد : إنها أرض النيل لأن الماء إنما يأتيها في كل عام ﴿ فنخرج به ﴾ : أي بالماء ﴿ زرعا تأكل منه أنعامهم ﴾ أي من الزرع كالتبن والورق ونحوهما مما لا يأكله الناس ﴿ وأنفسهم ﴾ أي يأكلون الحبوب الخارجة في الزرع مما يقتاتونه وجملة ﴿ تأكل منه أنعامهم ﴾ في محل نصب على الحال ﴿ أفلا يبصرون ﴾ هذه النعم ويشكرون المنعم ويوحدونه لكونه المنفرد بإيجاد ذلك


الصفحة التالية
Icon