ثم ذكر سبحانه نوعا آخر من كلام منكري البعث فقال : ٧ - ﴿ وقال الذين كفروا ﴾ أي قال بعض لبعض ﴿ هل ندلكم على رجل ﴾ يعنون محمدا صلى الله عليه و سلم أي هل نرشدكم إلى رجل ﴿ ينبئكم ﴾ أي يخبركم بأمر عجيب ونبأ غريب هو أنكم ﴿ إذا مزقتم كل ممزق ﴾ أي فرقتم كل تفريق وقطعتم كل تقطيع وصرتم بعد موتكم رفاتا وترابا ﴿ إنكم لفي خلق جديد ﴾ أي تخلقون خلقا جديدا وتبعثون من قبوركم أحياء وتعودون إلى الصور التي كنتم عليها قال هذا القول بعضهم لبعض استهزاء بما وعدهم الله على لسان رسوله من البعث وأخرجوا الكلام مخرج التلهي به والتضاحك مما يقوله من ذلك وإذا في موضع نصب بقوله مزقتم قال النحاس : ولا يجوز أن يكون العامل فيها ينبئكم لأنه ليس يخبرهم ذلك الوقت ولا يجوز أن يكون العامل فيها ما بعد إن لأنه لا يعمل فيما قبلها وأجاز الزجاج أن يكون العامل فيها محذوفا والتقدير : إذا مزقتم كل ممزق بعثتم أو نبئتم بأنكم تبعثون إذا مزقتم وقال المهدوي : لا يجوز أن يعمل فيه مزقتم لأنه مضاف إليه والمضاف إليه لا يعمل في المضاف وأصل الممزق خرق الأشياء يقال ثوب مزيق وممزق ومتمزق وممزوق
ثم حكى سبحانه عن هؤلاء الكفار أنهم رددوا ما وعدهم به رسول الله صلى الله عليه و سلم من البعث بين أمرين فقالوا : ٨ - ﴿ أفترى على الله كذبا أم به جنة ﴾ أي أهو كاذب فيما قاله أم به جنون بحيث لا يعقل ما يقوله والهمزة في أفترى هي همزة الاستفهام وحذفت لأجلها همزة الوصل كما تقدم في قوله :﴿ أطلع الغيب ﴾ ثم رد عليهم سبحانه ما قالوه في رسوله فقال :﴿ بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد ﴾ أي ليس الأمر كما زعموا بل هم الذين ضلوا عن الفهم وإدراك الحقائق فكفروا بالآخرة ولم يؤمنوا بما جاءهم به فصاروا بسبب ذلك في العذاب الدائم في الآخرة وهم اليوم في الضلال البعيد عن الحق غاية البعد ثم وبخهم سبحان بما اجترأوا عليه من التكذيب مبينا لهم أن ذلك لم يصدر منهم إلا لعدم التفكر والتدبر في خلق السماء والأرض وأن من قدر على هذا الخلق العظيم لا يعجزه أن يبعث من مخلوقاته ما هو دون ذلك ويعيده إلى ما كان عليه من الذات والصفات