٤٢ - ﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم ﴾ المراد قريش أقسموا قبل أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم بهذا القسم حين أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم ومعنى ﴿ من إحدى الأمم ﴾ يعني المكذبة للرسل والنذير : النبي والهدى : الاستقامة وكانت العرب تتمنى أن يكون منهم رسول كما كان الرسل في بني إسرائيل ﴿ فلما جاءهم ﴾ ما تمنوه وهو رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي هو أشرف ﴿ نذير ﴾ وأكرم مرسل وكان من أنفسهم ﴿ ما زادهم ﴾ مجيئه ﴿ إلا نفورا ﴾ منهم عنه وتباعدا عن إجابته
٤٣ - ﴿ استكبارا في الأرض ﴾ أي لأجل الاستكبار والعتو ﴿ و ﴾ لأجل ﴿ ومكر السيئ ﴾ أي مكر العمل السيء أو مكروا المكر السيء والمكر هو الحيلة والخداع والعمل القبيح وأضيف إلى صفته كقوله : مسجد الجامع وصلاة الأولى وأنث إحدى لكون أمة مؤنة كما قال الأخفش وقيل المعنى : من إحدى الأمم على العموم وقيل من الأمم التي يقال لها إحدى الأمم تفضيلا لها قرأ الجمهور ﴿ ومكر السيئ ﴾ بخفض همزة السيء وقرأ الأعمش وحمزة بسكونها وصلا وقد غلط كثير من النحاة هذه القراءة ونزهوا الأعمش على جلالته أن يقرأ بها قالوا : وإنما كان يقف بالسكون فغلط من روى عنه أنه كان يقرأ بالسكون وصلا وتوجيه هذه القراءة ممكن بأن من قرأ بها أجرى الوصل مجرى الوقف كما في قول الشاعر :

( فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من الله ولا واغل )
بسكون الباء من أشرب ومثله قراءة من قرأ ﴿ وما يشعركم ﴾ بسكون الراء ومثل ذلك قراءة أبي عمرو ﴿ إلى بارئكم ﴾ بسكون الهمزة وغير ذلك كثير قال أبو علي الفارسي : هذا على إجراء الوصل مجرى الوقف وقرأ ابن مسعود ومكرا سيئا ﴿ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ﴾ أي لا تنزل عاقبة السوء إلا بمن أساء قال الكلبي : يحيق بمعنى يحيط والحوق الإحاطة يقال حاق به كذا إذا أحاط به وهذا هو الظاهر من معنى يحيق في لغة العرب ولكن قطرب فسره هنا بينزل وأنشد :
( وقد رفعوا المنية فاستقلت ذراعا بعد ما كانت تحيق )
أي تنزل ﴿ فهل ينظرون إلا سنة الأولين ﴾ أي فهل ينتظرون إلا سنة الأولين : أي سنة الله فيهم بأن ينزل بهؤلاء العذاب كما نزل بأولئك ﴿ فلن تجد لسنة الله تبديلا ﴾ أي لا يقدر أحد أن يبدل سنة الله التي سنها بالأمم المكذبة من إنزال عذابه بهم بأن يضع موضعه غيره بدلا عنه ﴿ ولن تجد لسنة الله تحويلا ﴾ بأن يحول ما جرت به سنة الله من العذاب فيدفعه عنهم ويضعه على غيرهم ونفي وجدان التبديل والتحويل عبارة عن نفي وجودهما


الصفحة التالية
Icon