٩ - ﴿ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ﴾ أي منعناهم عن الإيمان بموانع فهم لا يستطيعون الخروج من الكفر إلى الإيمان كالمضروب أمامه وخلفه بالأسداد والسد بضم السين وفتحها لغتان ومن هذا المعنى في الآية قول الشاعر :

( ومن الحوادث لا أبالك أنني ضربت علي الأرض بالأسداد )
( لا أهتدي فيها لموضع تلعة بين العذيب وبين أرض مراد )
﴿ فأغشيناهم ﴾ أي غطينا أبصارهم ﴿ فهم ﴾ بسبب ذلك ﴿ لا يبصرون ﴾ أي لا يقدرون على إبصار شيء قال الفراء : فألبسنا أبصارهم غشوة : أي عمي فهم لا يبصرون سبيل الهدى وكذا قال قتادة : إن المعنى لا يبصرون الهدى وقال السدي : لا يبصرون محمدا حين ائتمروا على قتله وقال الضحاك :﴿ وجعلنا من بين أيديهم سدا ﴾ : أي الدنيا ﴿ ومن خلفهم سدا ﴾ : أي الآخرة ﴿ فأغشيناهم فهم لا يبصرون ﴾ : أي عموا عن البعث وعموا عن قبول الشرائع في الدنيا وقيل ما بين أيديهم الآخرة وما خلفهم الدنيا قرأ الجمهور بالغين المعجمة : أي غطينا أبصارهم فهو على حذف مضاف وقرأ ابن عباس وعمر بن عبد العزيز والحسن ويحيى بن يعمر وأبو رجاء وعكرمة بالغين المهملة من العشا وهو ضعف البصر ومنه ﴿ ومن يعش عن ذكر الرحمن ﴾
١٠ - ﴿ وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ﴾ أي إنذارك إياهم وعدمه سواء قال الزجاج : أي من أضله الله هذا الإضلال لم ينفعه الإنذار
إنما ينفع الإنذار من ذكر في قوله : ١١ - ﴿ إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب ﴾ أي اتبع القرآن وخشي الله في الدنيا وجملة لا يؤمنون مستأنفة مبينة لما قبلها من الاستواء أو في محل نصب على الحال أو بدل وبالغيب في محل نصب على الحال من الفاعل أو المفعول ﴿ فبشره بمغفرة وأجر كريم ﴾ أي بشر هذا الذي اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب بمغفرة عظيمة وأجر كريم : أي حسن وهو الجنة


الصفحة التالية
Icon