٥٠ - ﴿ فلا يستطيعون توصية ﴾ أي لا يستطيع بعضهم أن يوصي إلى بعض بماله وما عليه أو لا يستطيع أن يوصيه بالتوبة والإقلاع عن المعاصي بل يموتون في أسواقهم ومواضعهم ﴿ ولا إلى أهلهم يرجعون ﴾ أي إلى منازلهم التي ماتوا خارجين عنها وقيل المعنى : لا يرجعون إلى أهلهم قولا وهذا أخبار عما ينزل بهم عند النفخة الأولى
ثم أخبر سبحانه عما ينزل بهم عند النفخة الثانية فقال : ٥١ - ﴿ ونفخ في الصور ﴾ وهي النفخة التي يبعثون بها من قبورهم ولهذا قال :﴿ فإذا هم من الأجداث ﴾ أي القبور ﴿ إلى ربهم ينسلون ﴾ أي يسرعون وبين النفختين أربعون سنة وعبر عن المستقبل بلفظ الماضي حيث قال ونفخ تنبيها على تحقق وقوعه كما ذكره أهل البيان وجعلوا هذه الآية مثالا له والصور بإسكان الواو : هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل كما وردت بذلك السنة وإطلاق هذا الاسم على القرن معروف في لغة العرب ومنه قول الشاعر :
( نحن نطحناهم غداة الغورين | نطحا شديدا لا كنطح الصورين ) |
( فسلي ثيابي من ثيابك تنسل )
وقول الآخر :
وقالوا : ٥٢ - ﴿ يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ﴾ أي قالوا عند بعثهم من القبور بالنفخة يا ويلنا : نادوا ويلهم كأنهم قالوا له احضر فهذا أوان حضورك وهؤلاء القائون هم الكفار قال ابن الأنباري : الوقف على يا ويلنا وقف حسن ثم يبتدئ الكلام بقوله :﴿ من بعثنا من مرقدنا ﴾ ظنوا لاختلاط عقولهم بما شاهدوا من الهول وما داخلهم من الفزع أنهم كانوا نياما قرأ الجمهور يا ويلنا وقرأ ابن أبي ليلى يا ويلتنا بزيادة التاء وقرأ الجمهور ﴿ من بعثنا ﴾ بفتح ميم من على الاستفهام وقرأ ابن عباس والضحاك وأبو نهيك بكسر الميم على أنها حرف جر ورويت هذه القراءة عن علي بن أبي طالب وعلى هذه القراءة تكون من متعلقة بالويل وقرأ الجمهور من بعثنا وفي قراءة أبي من أهبنا من هب من نومه : إذا انتبه وأنشد ثعلب على هذه القراءة :
( عسلان الذيب أمسى قارنا | برد الليل عليه فنسل ) |
( وعاذلة هبت بليل تلومني | ولم يعتمدني قبل ذاك عذول ) |