٧ - ﴿ حفظا من كل شيطان مارد ﴾ أي متمرد خارج عن الطاعة يرمى بالكواكب كقوله :﴿ ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين ﴾
٨ - وجملة ﴿ لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ﴾ مستأنفة لبيان حالهم بعد السماء منهم وقال أبو حاتم : أي لئلا يسمعوا ثم حذف إن فرفع الفعل وكذا قال الكلبي والملأ الأعلى : أهل السماء الدنيا فما فوقها وسمي الكل منهم أعلى بإضافته إلى ملإ الأرض والضمير في يسمعون إلى الشياطين وقيل إن جملة لا يسمعون صفة لكل شيطان وقيل جوابا عن سؤال مقدر كأنه قيل : فما كان حالهم بعد حفظ السماء عنهم ؟ فقال :﴿ لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ﴾ قرأ الجمهور يسمعون بسكون السين وتخفيف الميم وقرأ حمزة و الكسائي و عاصم في رواية حفص عنه بتشديد الميم والسين والأصل يتسمعون فأدغم التاء في السين فالقراءة الأولى تدل على انتفاء سماعهم دون استماعهم والقراءة الثانية تدل على انتفائهما وفي معنى القراءة الأولى قوله تعالى :﴿ إنهم عن السمع لمعزولون ﴾ قال مجاهد : كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون واختار أبوعبيدة القراءة الثانية قال : لأن العرب لا تكاد تقول : سمعت إليه وتقول تسمعت إليه
٩ - ﴿ ويقذفون من كل جانب * دحورا ﴾ أي يرمون من كل جانب من جوانب السماء بالشهب إذا أرادوا الصعود لاستراق السمع وانتصاب دحورا على أنه مفعول لأجله والدحور الطرد تقول دحرته دحرا ودحورا : طردته قرأ الجمهور ﴿ دحورا ﴾ بضم الدال وقرأ علي والسلمي ويعقوب الحضرمي وابن أبي عبلة بفتحها وروي عن أبي عمرو أنه قرأ يقذفون مبنيا للفاعل وهي قراءة غير مطابقة لما هو المراد من النظم القرآني وقيل إن انتصاب دحورا على الحال : أي مدحورين وقيل هو جمع داحر نحو قاعد وقعود فيكون حالا أيضا وقيل إنه مصدر لمقدر : أي يدحرون دحورا وقال الفراء : إن المعنى يقذفون بما يدحرهم : أي بدحور ثم حذفت الباء فانتصب بنزع الخافض
واختلف هل كان هذا الرمي لهم بالشهب قبل المبعث أو بعده فقال بالأول طائفة وبالآخر آخرون وقالت طائفة بالجمع بين القولين : إن الشياطين لم تكن ترمى قبل المبعث رميا يقطعها عن السمع ولكن كانت ترمى وقتا لا ترمى وقتا آخر وترمى من جانب ولا ترمى من جانب آخر ثم بعد المبعث رميت في كل وقت ومن كل جانب حتى صارت لا تقدر على استراق شيء من السمع إلا من اختطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ومعنى ﴿ ولهم عذاب واصب ﴾ ولهم عذاب دائم لا ينقطع والمراد به العذاب في الآخرة غير العذاب الذي لهم في الدنيا من الرمي بالشهب وقال مقاتل : يعني دائما إلى النفخة الأولى والأول أولى وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أن الواصب الدائم وقال السدي وأبو صالح والكلبي : هو الموجع الذي يصل وجعه إلى القلب مأخوذ من الوصب وهو المرض وقيل هو الشديد