٥٥ - ﴿ فاطلع فرآه في سواء الجحيم ﴾ أي فاطلع على النار ذلك المؤمن الذي صار يحدث أصحابه في الجنة بما قال له قرينه في الدنيا فرأى قرينه في وسط الجحيم قال الزجاج : سواء كل شيء وسطه قرأ الجمهور ﴿ مطلعون ﴾ بتشديد الطاء مفتوحة وبفتح النون فاطلع ماضيا مبنيا للفاعل من الطلوع وقرأ ابن عباس ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو مطلعون بسكون الطاء وفتح النون فأطلع بقطع الهمزة مضمومة وكسر اللام ماضيا مبنيا للمفعول قال النحاس : فأطلع فيه قولان على هذه القراءة أحدهما أن يكون فعلا مستقبلا : أي فأطلع أنا ويكون منصوبا على أنه جواب الاستفهام والقول الثاني أن يكون فعلا ماضيا وقرأ حماد بن أبي عمار مطلعون بتخفيف الطاء وكسر النون فاطلع مبنيا للمفعول وأنكر هذه القراءة أبو حاتم وغيره قال النحاس : هي لحن لأنه لا يجوز الجمع بين النون والإضافة ولو كان مضافا لقال هل أنتم مطلعي وإن كان سيبويه والفراء قد حكيا مثله وأنشدا :

( هم القائلون الخير والآمورنه إذا ما خشوا من محدث الدهر معظما )
ولكنه شاذ خارج عن كلام العرب
٥٦ - ﴿ قال تالله إن كدت لتردين ﴾ أي قال ذلك الذي من أهل الجنة لما اطلع على قرينه ورآه في النار : تالله إن كدت لتردين : أي لتهلكني بالإغواء قال الكسائي : لتردين لتهلكني والرد الهلاك قال المبرد : لو قيل لتردين لتوقعني في النار لكان جائزا قال مقاتل : المعنى والله لقد كدت أن تغويني فأنزل منزلتك والمعنى متقارب فمن أغوى إنسانا فقد أهلكه
٥٧ - ﴿ ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ﴾ أي لولا رحمة ربي وإنعامه علي بالإسلام وهدايتي إلى الحق وعصمتي عن الضلال لكنت من المحضرين معك في النار قال الفراء : أي لكنت معك في النار محضرا قال الماوردي : وأحضر لا يستعمل إلا في الشر
ولما تم كلامه مع ذلك القرين الذي هو في النار عاد إلى مخاطبة جلسائه من أهل الجنة فقال : ٥٨ - ﴿ أفما نحن بميتين ﴾ والهمزة للاسفتها التقريري وفيها معنى التعجيب والفاء للعطف على محذوف كما في نظائره : أي أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين
٥٩ - ﴿ إلا موتتنا الأولى ﴾ التي كانت في الدنيا وقوله هذا كان على طريقة الابتهاج والسرور بما أنعم الله عليهم من نعيم الجنة الذي لا ينقطع وأنهم مخلدون لا يموتون أبدا وقوله :﴿ وما نحن بمعذبين ﴾ هو من تمام كلامه : أي وما نحن بمعذبين كما يعذب الكفار ثم قال مشيرا إلى ما هم فيه من النعيم


الصفحة التالية
Icon