وجملة ١٧١ - ﴿ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ﴾ مستأنفة مقررة للوعيد والمراد بالكلمة ما وعدهم الله به من النصر والظفر على الكفار قال مقاتل : عنى بالكلمة قوله سبحانه :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ﴾ وقال الفراء : سبقت كلمتنا بالسعادة لهم
والأولى تفسير هذه الكلمة بما هو مذكور هنا فإنه قال : ١٧٢ - ﴿ إنهم لهم المنصورون ﴾
والأولى تفسير هذه الكلمة بما هو مذكور هنا فإنه قال : ١٧٣ - ﴿ إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون ﴾ فهذه الكلمة المذكورة سابقا وهذا تفسير لها والمراد بجند الله حزبه وهم الرسل وأتباعهم قال الشيباني : جاء هنا على الجمع : يعني قوله :﴿ لهم الغالبون ﴾ من أجل أنه رأس آية وهذا الوعد لهم بالنصر والغلبة لا ينافيه انهزامهم في بعض المواطن وغلبة الكفار لهم فإن الغالب في كل موطن هو انتصارهم على الأعداء وغلبته لهم فخرج الكلام مخرج الغالب على أن العاقبة المحمودة لهم على كل حال وفي كل موطن كما قال سبحانه :﴿ والعاقبة للمتقين ﴾
ثم أمر الله سبحانه رسوله بالإعراض عنهم والإغماض عما يصدر منهم من الجهالات والضلالات فقال : ١٧٤ - ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ أي أعرض عنهم إلى مدة معلومة عند الله سبحانه وهي مدة الكف عن القتال قال السدي ومجاهد : حتى نأمرك بالقتال وقال قتادة : إلى الموت وقيل إلى يوم بدر وقيل إلى يوم فتح مكة وقيل هذه الآية منسوخة بآية السيف
١٧٥ - ﴿ وأبصرهم فسوف يبصرون ﴾ أي وأبصرهم إذا نزل بهم العذاب بالقتل والأسر فسوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار وعبر بالإبصار عن قرب الأمر : أي فسوف يبصرون عن قريب وقيل المعنى : فسوف يبصرون العذاب يوم القيامة
ثم هددهم بقوله سبحانه : ١٧٦ - ﴿ أفبعذابنا يستعجلون ﴾ كانوا يقولون من فرط تكذيبهم : متى هذا العذاب ؟
١٧٧ - ﴿ فإذا نزل بساحتهم ﴾ أي إذا نزل عذاب الله لهم بفنائهم والساحة في اللغة : فناء الداء الواسع قال الفراء : نزل بساحتهم ونزل بهم سواء قال الزجاج : وكان عذاب هؤلاء بالقتل قيل المراد به نزول رسول الله صلى الله عليه و سلم بساحتهم يوم فتح مكة قرأ الجمهور نزل مبنيا للفاعل وقرأ عبد الله بن مسعود على البناء للمفعول والجار والمجرور قائم مقام الفاعل ﴿ فساء صباح المنذرين ﴾ أي بئس صباحهم وخص الصباح بالذكر لأن العذاب كان يأتيهم فيه
ثم كرر سبحانه ما سبق تأكيدا للوعد بالعذاب فقال : ١٧٨ - ﴿ وتول عنهم حتى حين ﴾
ثم كرر سبحانه ما سبق تأكيدا للوعد بالعذاب فقال : ١٧٩ - ﴿ وتول عنهم حتى حين * وأبصر فسوف يبصرون ﴾ وحذف مفعول أبصر ها هنا وذكره أولا إما لدلالة الأول عليه فتركه هنا اختصارا أو قصدا إلى التعميم للإيذان بأن ما يبصره من أنواع عذابهم لا يحيط به الوصف وقيل هذه الجملة المراد بها أحوال القيامة والجملة الأولى المراد بها عذابهم في الدنيا وعلى هذا فلان يكون من باب التأكيد بل من باب التأسيس


الصفحة التالية
Icon