٣٠ - ﴿ ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب ﴾ أخبر سبحانه بأن من جملة نعمه على داود أنه وهب له سليمان ولدا ثم مدح سليمان فقال :﴿ نعم العبد ﴾ والمخصوص بالمدح محذوف : أي نعم العبد سليمان وقيل إن المدح هنا بقوله : نعم العبد هو لداود والأول أولى وجملة ﴿ إنه أواب ﴾ تعليل لما قبلها من المدح والأواب : الرجاع إلى الله بالتوبة كما تقدم بيانه
والظرف في قوله : ٣١ - ﴿ إذ عرض عليه ﴾ متعلق بمحذوف وهو اذكر : أي اذكر ما صدر عنه وقت عرض الصافنات الجياد عليه ﴿ بالعشي ﴾ وقيل هو متعلق بنعم وهو مع كونه غير متصرف لا وجه لتقييده بذلك الوقت وقيل متعلق بأواب ولا وجه لتقييد كونه أوابا بذلك الوقت والعشي من الظهر أو العصر إلى آخر النهار والصافنات جمع صافن
وقد اختلف أهل اللغة في معناه فقال القتيبي والفراء : الصافن في كلام العرب الوقف من الخيل أو غيرها وبه قال قتادة ومنه الحديث [ من أحب أن يتمثل له الناس صفونا فليتبوأ مقعده من النار ] أي يديمون القيام له واستدلوا بقول النابغة :
( لنا قبة مضروبة بفنائها | عتاق المهاري والجياد والصوافن ) |
ولا حجة لهم في هذا فإنه استدلال بمحل النزاع وهو مصادرة لأن النزاع في الصافن ماذا هو ؟ وقال الزجاج هو الذي يقف على أحدى اليدين ويرفع الأخرى ويجعل على الأرض طرف الحافر منها حتى كأنه يقوم على ثلاث وهي الرجلان وإحدى اليدين وقد يفعل ذلك بإحدى رجليه وهي علامة الفراهة وأنشد الزجاج قول الشاعر :
( ألف الصفون فما يزال كأنه | مما يقوم على الثلاث كسير ) |
ومن هذا قول عمرو بن كلثوم :( تركنا الخيل عاكفة عليه | مقلدة أعنتها صفونا ) |
فإن قوله صفونا لا بد أن يحمل على معنى غير مجرد القيام لأن مجرد القيام قد استفيد من قوله : عاكفة عليه وقال أبو عبيد : الصافن هو الذي يجمع يديه ويسويهما وأما الذي يقف على سنبكه فاسمه المتخيم والجياد جمع جواد يقال للفرس إذا كان شديد العدو وقيل إنها الطوال الأعناق مأخوذ من الجيد وهو العنق قيل كانت مائة فرس وقيل كانت عشرين ألفا وقيل كانت عشرين فرسا وقيل إنها خرجت له من البحر وكانت لها أجنحة