وانتصاب ٥١ - ﴿ متكئين فيها ﴾ على الحال من ضمير لهم والعامل فيه مفتحة وقيل هو حال من ﴿ يدعون ﴾ قدمت على العامل ﴿ فيها ﴾ أي يدعون في الجنات حال كونهم متكئين لدلالة الأول عليه وعلى جعل متكئين حالا من ضمير لهم والعامل فيه مفتحة فتكون جملة يدعون مستأنفة لبيان حالهم وقيل إن يدعون في محل نصب على الحال من ضمير متكئين
٥٢ - ﴿ وعندهم قاصرات الطرف أتراب ﴾ أي قاصرات طرفهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم وقد مضى بيانه في سورة الصافات والأتراب : المتحجات في السن أو المتساويات في الحسن وقال مجاهد : معنى أتراب أنهن متواخيات لا يتباغضن ولا يتغايرن وقيل أترابا للأزواج والأتراب جمع ترب واشتقاقه من التراب لأنه يمسهن في وقت واحد لاتحاد مولدهن
٥٣ - ﴿ هذا ما توعدون ليوم الحساب ﴾ أي هذا الجزاء الذي وعدتم به لأجل يوم الحساب فإن الحساب علة للوصول إلى الجزاء أو المعنى في يوم الحساب وقرأ الجمهور ﴿ ما توعدون ﴾ بالفوقية على الخطاب وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن محيصن ويعقوب بالتحتية على الخبر واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم لقوله وإن للمتقين فإنه خبر
٥٤ - ﴿ إن هذا لرزقنا ﴾ أي إن هذا المذكور من النعم والكرامات لرزقنا الذي أنعمنا به عليكم ﴿ ما له من نفاد ﴾ أي انقطاع ولا يفنى أبدا ومثله قوله :﴿ عطاء غير مجذوذ ﴾ فنعم الجنة لا تنقطع عن أهلها
وقد أخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن عباس قال : إن الشيطان عرج إلى السماء فقال : يا رب سلطني على أيوب قال الله : لقد سلطتك على ماله وولده ولم أسلطك على جسده فنزل فجمع جنوده فقال لهم : قد سلطت على أيوب فأروني سلطانكم فصاروا نيرانا ثم صاروا ماء فبينما هم في المشرق إذا هم بالمغرب وبينما هم بالمغرب إذا هم بالمشرق فأرسل طائفة منهم إلى زرعه وطائفة إلى أهله وطائفة إلى بقره وطائفة إلى غنمه وقال : إنه لا يعتصم منكم إلا بالمعروف فأتوه بالمصائب بعضها على بعض فجاء صاحب الزرع فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على زرعك نارا فأحرقته ؟ ثم جاء صاحب الإبل فقال يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل إلى إبلك عدوا فذهب بها ؟ ثم جاءه صاحب الغنم فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على غنمك عدوا فذهب بها ؟ وتفرد هو لبنيه فجمعهم في بيت أكبرهم فبينما هم يأكلون ويشربون إذا هبت ريح فأخذت بأركان البيت فألقته عليهم فلو رأيتهم حين اختلطت دماؤهم ولحومهم بطعامهم وشرابهم ؟ فقال له أيوب : فأين كنت ؟ قال كنت معهم قال : فكيف انفلت ؟ قال انفلت قال : أيوب أنت الشيطان ثم قال أيوب : أنا اليوم كيوم ولدتني أمي فقام فحلق رأسه وقام يصلي فرن إبليس رنة سمعها أهل السماء وأهل الأرض ثم عرج إلى السماء فقال : أي رب إنه قد اعتصم فسلطني عليه فإني لا أستطيعه إلا بسلطانك قال : قد سلطتك على جسده ولم أسطلك على قلبه فكانت امرأته تسعى عليه حتى قالت له : الا ترى يا أيوب قد نزل والله بي من الجهد والفاقة ما إن بعث قروني برغيف فأطعمتك فادع الله أن يشفيك ويريحك قال : ويحك كنا في النعيم سبعين عاما فاصبري حتى نكون في الضراء سبعين عاما فكان في البلاء سبع سنين ودعا فجاء جبريل يوما فدعا بيده ثم قال قم فقام فنحاه عن مكانه وقال : اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فركض برجله فنبعت عين فقال اغتسل فاغتسل منها ثم جاء أيضا فقال : اركض برجلك فنبعت عين أخرى فقال له اشرب منها وهو قوله :﴿ اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ﴾ وألبسه الله حلة من الجنة فتنحى أيوب فجلس في ناحية وجاءت امرأته فلم تعرفه فقالت : يا عبد الله أين المبتلى الذي كان ها هنا ؟ لعل الكلاب قد ذهبت به أو الذئاب وجعلت تكلمه ساعة فقال : ويحك أنا أيوب قد رد الله عليه جسدي ورد عليه ماله وولده عيانا ومثلهم معهم وأمطر عليه جرادا من ذهب فجعل يأخذ الجراد بيده ثم يجعله في ثوبه وينشر كساءه ويأخذه فيجعل فيه فأوحى الله إليه يا أيوب أما شبعت ؟ قال : يا رب من ذا الذي يشبع من فضلك ورحمتك وفي هذا نكارة شديدة فإن الله سبحانه لا يمكن الشيطان من نبي من أنبيائه ويسلط عليه هذا التسليط العظيم
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن عباس قال : إن إبليس قعد على الطريق وأخذ تابوتا يداوي الناس فقالت امرأة أيوب : يا عبد الله إن ها هنا مبتلى من أمره كذا وكذا فهل لك أن تداويه قال : نعم بشرط إن أنا شفيته أن يقول أنت شفيتني لا أريد منه أجرا غيره فأتت أيوب فذكرت له ذلك فقال : ويحك ذاك الشيطان لله علي إن شفاني الله أن أجلدك مائة جلدة فلما شفاه الله أمره أن يأخذ ضغثا فيضربها به فأخذ عذقا فيه مائة شمراخ فضربها ضربة واحدة وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه في قوله :﴿ وخذ بيدك ضغثا ﴾ قال : هو الأسل وأخرج ابن المنذر عنه أيضا قال : الضغث القبض من المرعى الرطب وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا قال : الضغث الحزمة وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والطبراني وابن عساكر من طريق أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : حملت وليدة في بني ساعدة من زنا فقيل لها ممن حملك ؟ قالت من فلان المقعد فسئل المقعد فقال صدقت فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : خذوا عثكولا فيه مائة شمراخ فاضربوه به ضربة واحدة وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والطبراني وابن عساكر نحوه من طريق أخرى عن أبي أماة بن سهل بن حنيف عن سعيد بن سعد بن عبادة وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد نحوه وأخرج ابن عساكر عن ابن مسعود قال : أيوب رأس الصابرين يوم القيامة وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله :﴿ أولي الأيدي ﴾ قال : القوة في العبادة ﴿ والأبصار ﴾ قال : الفقه في الدين وأخرج ابن أبي حاتم عنه ﴿ أولي الأيدي ﴾ قال : النعمة وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله :﴿ إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ﴾ قال : أخلصوا بذكر دار الآخرة أن يعملوا لها